كشفت التحقيقات التي أجرتها هيئة التحقيق والادعاء العام في جدة في ملف مساهمات ما يعرف ب «سوا» ومساهمات البورصة العالمية، عن تعامل عشوائي لجمع مبالغ مالية كبيرة من جانب أشخاص يتم التحقيق معهم حالياً موضحة أن التسويق لجمع المبالغ كان يتم عبر جلسات خاصة وباحترافية عالية تجعل المواطن يخرج ماله من مخبئه ويسلمه دون تردد أو خوف. وعلمت «الحياة» أن التحقيقات أكدت أن المتورطين لم يحسنوا التعامل مع الأموال الضخمة بحيث لم تظهر استثمارات على أرض الواقع لهذه المساهمات. وأعادت ثلاث محاكم شرعية في السعودية أكبر ملف في مساهمات «سوا» المتعلقة بالمتهم عبدالعزيز الجهني إلى نقطة الصفر، إذ أقرت المحكمة العليا في منطقة الرياض القرار النهائي في الملف بعد قرارين سابقين وملاحظات لمحكمة جدة الجزائية ومحكمة الاستئناف في منطقة مكةالمكرمة. وبدأت هيئة التحقيق والادعاء العام في محافظة جدة في فتح تحقيقات جديدة في ملف مساهمات «سوا» الشائك بعد أن تسلمته من قبل شرطة محافظة جدة بعد التحقيق مع عدد من المتهمين الجدد، إضافةً إلى متهمين سابقين في القضية والتي رفضت محكمة الاستئناف التصديق على الأحكام الصادرة بحق عدد من المتورطين فيها. وعلمت «الحياة» أن ملف القضية سيجزأ إلى ملفات منفصلة ستتم إحالة بعضها إلى المحكمة العامة بحكم الاختصاص قي نظر بعض التهم، فيما ستتم إحالة أجزاء أخرى إلى المحكمة الجزائية للنظر في بعض التهم الموجهة إلى المتهم الرئيس ورؤساء المجموعات. وتوقعت مصادر تحرير هيئة التحقيق والادعاء العام لوائح اتهام منفردة لكل شخصٍ بدلاً من اللوائح السابقة التي جمعت أكثر من متهم في لائحة واحدة، وذلك بعد أحكام شرعية عدة صدرت في القضية خلال الأعوام الماضية. وجاءت التطورات في القضية بعد أن رفضت محكمة الاستئناف تصديق الأحكام الصادرة من ناظر القضية السابق في المحكمة الجزائية في جدة عابد الأزوري، وطلبت منه استكمال النظر في الحق الخاص للمساهمين أولاً قبل إصدار الحكم في الحق العام، إلا أن الأزوري أصر على أحكامه التي أصدرها في السابق، المتضمنة سجن المتهم 20 عاماً وجلده 1000 جلدة متفرقة للحق العام، وتمت إعادة الملف مرة أخرى إلى محكمة الاستئناف، وقررت حينها محكمة الاستئناف إعادة القضية إلى رئيس المحكمة الجزائية آنذاك عبدالله العثيم ليقرر اختيار قاض جديد لنظر القضية، وجرت مناقشة عدد من القضاة من أجل تكليف قاض بنظرها، إلا أن الكثير منهم أحجم عن متابعتها بسبب تشعباتها وحاجتها إلى فترة طويلة، في حين رأى البعض أن أحكام ناظر القضية السابق كافية، وليست بحاجة إلى إعادة نظر من جديد. وانتهى مسلسل إحالة ملف المشكلة الذي يتكون من 12 حقيبة مملوءة بأوراق رصد أحداثها التي كشفت تفاصيلها التحقيقات في ما يتعلق بجمع المتهم أموالاً تتجاوز 1.3 بليون ريال، وكيفية اختفائها، إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لإعداد لوائح اتهام جديدة. وسجلت الجلسات القضائية لمحاكمة المتهم «الجهني» تمسكه أمام قاضي محكمة جدة بمطالبته لضابط برتبة «عميد» يعمل مديراً لشرطة إحدى محافظات منطقة مكةالمكرمة بمبالغ تتجاوز ال52 مليون ريال، في حين حكمت المحكمة على «ابن» أحد الضباط برتبة «لواء» بإعادة 11 مليون ريال وإيداعها في حساب المساهمة المخصص لدى المحكمة، إضافة إلى الحكم بالسجن عاماً ل (ب ش)، كما تضمنت الأحكام التي صدرت ونقضتها «الاستئناف» وإلزام المشغل الرئيس للمساهمة (الجهني) بإعادة 34,9 مليون ريال لثلاثة من رؤساء المجموعات بعد ثبوت تسلمه لرساميلهم لتشغيلها في المساهمة ولم يحصلوا على أرباح تغطي الأموال المدفوعة إضافة إلى أربعة من رؤساء المجموعات المتورطين معه. وشملت الجزاءات كل من شارك في إيهام البسطاء والعامة بنجاح المساهمة وحصلوا منهم على مبالغ مالية ومارسوا معهم تدوير الأموال، وحكمت على سبعة متهمين في القضية مع أخذ تعهد على أربعة متهمين بعدم ممارسة مثل هذه المساهمات.