دمشق، بيروت - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - تجمع مئات السوريين في بلدة عربين في ريف دمشق أمس لملاقاة وفد المراقبين الدوليين الذي زار مناطق في ريف العاصمة للاطلاع على الأوضاع على الأرض. وأظهرت مقاطع عدة من شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الإنترنت، المئات يخرجون للقاء المراقبين الدوليين. وقال ناشطون إن المتظاهرين تعرضوا لإطلاق نار من قوات النظام خلال وجود المراقبين، وأظهر شريط فيديو المتظاهرين يتفرقون ويركضون بسرعة، فيما تسمع في الخلفية أصوات إطلاق رصاص، من دون مشاهدة أي أثر لوفد المراقبين. إلا أن شريطاً آخر أظهر سيارة بيضاء رباعية الدفع تحمل شارة الأممالمتحدة وقد تجمع حولها وفي الشارع الذي توقفت فيه، مئات الأشخاص وهم يهتفون «الشعب يريد تسليح الجيش الحر» و»إيه يللا ما منركع إلا لالله»، و «لا روسيا ولا الصين معنا رب العالمين». وفي مقطع آخر، يشاهد رئيس الفريق الدولي العقيد أحمد حميش مترجلاً ومتجهاً إلى سيارة الأممالمتحدة، بينما الناس يحيطون به ويحاولون اعتراضه ويتحدثون إليه، من دون أن يرد عليهم. ثم يصعد حميش في السيارة التي تلتصق بها الحشود وبينهم من يحمل «أعلام الثورة» ويصر على التكلم مع المراقبين. وسار حميش وسط الحشد المتزاحم مرتدياً قبعة الأممالمتحدة الزرقاء اللون وقميصاً واقياً من الرصاص ودخل سيارته حيث تكلم عبر مكبر للصوت فيما يبدو طالباً من الحشود الابتعاد عن السيارة والسماح للسيارتين بالتحرك. وألصق المتظاهرون ورقة كبيرة زهرية اللون على السيارة من الخلف وقد كتب عليها إن النظام «مستمر بالقتل، المراقبون مستمرون بالمراقبة والشعب مستمر بثورته». وكان مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أصدر بياناً أعلن فيه أن قوات النظام أقدمت على «سحب دباباتها من مدينة عربين تزامناً مع قدوم اللجنة الدولية إلى المدينة». وذكر أن أهالي عربين علموا بقدوم وفد المراقبين «فأغلقوا محالهم وتوجهوا إلى منطقة المسجد الكبير حيث اللجنة وقاموا بتظاهرة حاشدة جداً، فجن جنون الأمن... الذي بدأ بإطلاق النار»، وفق البيان. في موازاة ذلك، قالت القناة الإخبارية السورية إن «مجموعة إرهابية» زرعت قنبلة عند نقطة تفتيش ما أسفر عن إصابة عضو في قوات الأمن السورية في عربين في ريف دمشق وإن مسلحين أطلقوا النار خلال زيارة المراقبين المكان. وواصل فريق المراقبين الدوليين مهمته في سورية لليوم الثالث على التوالي، في ظل خروقات متكررة لوقف إطلاق النار الذي بدأ تطبيقه الخميس الماضي. ومن المقرر استقدام المزيد من مراقبي وقف إطلاق النار خلال الأيام المقبلة، وفق ما أعلن حميش أمس. وقال حميش للصحافيين لدى مغادرته مع أعضاء الفريق الآخرين الفندق الذي ينزلون فيه في دمشق «بموجب الفقرة السابعة من القرار 2042، مهمتي هي مهمة تقنية، مهمة تخطيط، مهمة ربط ارتباط مع المسؤولين ومع جهات أخرى». وتنص الفقرة السابعة من القرار الصادر عن مجلس الأمن السبت على «إيفاد فريق متقدم مؤلف من عدد في حدود 30 مراقباً عسكرياً غير مسلح للتواصل مع الأطراف والبدء في الإبلاغ عن تنفيذ وقف كامل للعنف المسلح بجميع أشكاله من جانب جميع الأطراف وذلك لحين نشر البعثة». ومن المنتظر أن يتم تعزيز بعثة المراقبين ليصل عدد أعضائها إلى نحو 250، إلا أن للمضي قدماً في هذه الخطوة لا بد من قرار جديد من مجلس الأمن. وقال حميش إن عدد أعضاء الفريق ارتفع إلى سبعة. وأضاف «إن شاء الله اليوم أو غداً، سيرتفع أكثر، كي نصل إلى ثلاثين قريباً». وقال رداً على سؤال عن عمل الفريق الصغير «نحن لا نتكلم في العمليات التي سنقوم بها». وقام فريق المراقبين الثلثاء بزيارة إلى مدينة درعا (جنوب)، مهد الحركة الاحتجاجية المستمرة من ثلاثة عشر شهراً. وأوضح المستشار في بعثة الأممالمتحدة في دمشق خالد المصري أن «البعثة ستواصل مهمتها لجهة المحادثات (حول بروتوكول البعثة) ومتابعة زياراتها الميدانية». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي لفرانس برس إن الحكومة السورية وفريق المراقبين الدوليين «اتفقوا على 90 في المئة من بنود البروتوكول» الذي ينظم عمل بعثة المراقبين المكلفين الإشراف على وقف إطلاق النار. وأكد أن «المحادثات التي أجريت بين الحكومة وبعثة المراقبين في دمشق كانت بناءة». وتابع «إننا على وشك الانتهاء من مناقشة المواضيع المتعلقة بوضع البروتوكول»، مشيراً إلى «أنه تم الاتفاق على نحو 90 في المئة من بنوده». وعلى رغم دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في سورية، لا تزال تسجل خروقات يومية تتمثل في قصف وإطلاق نار واشتباكات أوقعت عشرات القتلى في ستة أيام. وقتل 14 شخصاً في أعمال عنف أمس وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. والقتلى هم سبعة مدنيين وسبعة عناصر من قوات النظام. ففي ريف دمشق، قتلت طفلة تبلغ من العمر تسع سنوات إثر إصابتها برصاص قناص أثناء وجودها في سيارة والدها، وفق المرصد. في مدينة حمص (وسط)، قتل مواطن إثر إطلاق نار من القوات النظامية في حي جوبر. وكان قتل صباحاً مواطنان في قصف على حي الخالدين في المدينة. وقتل مواطن في مدينة القصير في محافظة حمص وأصيب أربعة آخرون بجروح في إطلاق نار مصدره القوات النظامية السورية أيضاً. في مدينة درعا (جنوب)، قتل شخص برصاص قناص. في محافظة إدلب (شمال غرب)، أفاد المرصد السوري عن مقتل مواطن في بلدة كنصفرة في إطلاق رصاص من «القوات النظامية السورية التي نفذت حملة مداهمات في البلدة». وقتل سبعة عناصر من القوات النظامية السورية إثر انفجار عبوة ناسفة في آلية عسكرية كانت تقلهم في مدينة إدلب. وأشار المرصد إلى تعرض أحراج قرية خربة الجوز القريبة من الحدود السورية - التركية في إدلب لقصف بقذائف الهاون يستهدف معاقل مجموعات منشقة مسلحة. وذكرت وكالة أنباء «سانا» أن «مجموعة إرهابية مسلحة فجرت عبوة ناسفة بقوات حفظ النظام على طريق المصطومة في إدلب، ما أدى إلى استشهاد ستة عناصر بينهم ضابط برتبة ملازم أول وإصابة 11 آخرين» بجروح. وذكرت الوكالة في خبر آخر أن «مجموعة إرهابية مسلحة أطلقت النار على قوات حفظ النظام في منطقة دوما في ريف دمشق ما أدى إلى استشهاد ضابط برتبة مقدم وإصابة مساعد أول». وتعرضت أحياء في مدينة حمص للقصف صباح أمس، وفق ما أفادت لجان التنسيق المحلية. وقالت لجان التنسيق في بيان إن «القصف العشوائي تجدد صباحاً على منازل المدنيين في حيي الخالدية والبياضة»، مشيرة إلى «قصف عنيف» أيضاً «على حيي جورة الشياح والقرابيص ترافق مع إطلاق نار كثيف وتحليق طيران استطلاع». وفي شريط فيديو حول حي الخالدية وزعه ناشطون على شبكة الإنترنت أمس، بدا دخان كثيف يرتفع من أماكن مختلفة من الحي بعد وقوع انفجارات ضخمة. كما تمكن مشاهدة حريق يندلع في أحد الأبنية بعد سقوط قذيفة عليه. ويسأل صوت مسجل على الشريط «أين المراقبون؟ أين أنت يا كوفي أنان؟». وكانت الوكالة الرسمية أفادت بأن 203 أشخاص من محافظة حماة سلموا أنفسهم مع أسلحتهم إلى السلطات السورية. وذكرت أن نحو 800 شخص سلموا أنفسهم مع أسلحتهم خلال الفترة الأخيرة في مناطق ريف دمشق واللاذقية وإدلب. وكانت اعتقلت ثلاثة أشخاص في درعا أول من امس، وستة في إدلب، وستة آخرين في مدينة حمص. وأعلن المرصد في بيان أمس مقتل ثلاثة عناصر من القوات النظامية السورية ومدنيين اثنين «في انفجار عبوة ناسفة ليلة أول من أمس استهدف سيارة كانت متوقفة قرب محطة وقود في مدينة حلب (شمال)، وأخرى في الوقت نفسه لدى مرور حافلة كانت تقل عناصر من القوات النظامية في المدينة. في موازاة ذلك، أفاد المحامي ميشال شماس بأنه تمت إحالة ابنته التي اعتقلتها الأجهزة الأمنية السورية في السابع من آذار (مارس) إلى القضاء العسكري في مدينة حمص من دون أن يتمكن من معرفة التهم المنسوبة إليها. وقال شماس، وهو والد ومحامي الشابة يارا شماس (21 عاماً)، في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس «قررت النيابة العامة العسكرية ترحيل ابنتي إلى النيابة العسكرية في حمص في إجراء مخالف لروح القانون». وأشار إلى أنه لم يتمكن «من الاطلاع على ملف قضيتها لمعرفة التهم المنسوبة إليها». وناشد المحامي وزير الدفاع السوري «وقف ترحيل ابنتي إلى حمص ومحاكمتها في دمشق كونه مكان إقامتها، وألقي القبض عليها في دمشق». كما ناشد السلطات السورية الإفراج عن ابنته والمعتقلين كافة «وسلوك الحل السياسي بديلاً عن الحل الأمني الذي زاد الأمور تعقيداً في البلاد، وأثبت فشله منذ اليوم الأول لاندلاع الاحتجاجات في سورية». وكانت عناصر من الأمن السوري اعتقلت 12 شاباً وشابة، بينهم يارا شماس ومجموعة من أصدقائها أثناء وجودهم في مقهى نينيار الواقع في حي باب شرقي في دمشق مساء في السابع من آذار.