مضت قرابة ثلاثة اعوام منذ ان حصلت نسرين ساجت على بعثة دراسية في جامعة شيفلد البريطانية للحصول على شهادة الدكتوراه بعد تجاوزها الاختبار الذي اجرته لها لجنة تطوير التعليم العالي المرتبطة برئاسة الوزراء. نسرين أمضت أكثر من عامين في ترتيب اوراق القبول والفيزا والكفالة المالية التي يتوجب ان لا تقل عن 100 ألف دولار وهي إجراءات أساسية يقوم بها الطالب المرشح، على رغم أنها لن تغادر الى الجامعة إلا نهاية نيسان (ابريل) الجاري. ويمثل حصول الطالب العراقي على زمالة أو بعثة دراسية بداية مشوار طويل من الإجراءات الروتينية المعقدة التي غالباً ما تكون سبباً في عرقلة التحاقه بالجامعة في الوقت المحدد وتأجيل دراسته عاماً أو اكثر قبل مباشرة الدراسة. تقول نسرين إن اول متاعبها بدأت بالبحث عن اختصاصها في الجامعات المتعاقدة مع جهة الترشيح، اذ يتوجب على الطالب ان يختار البلد الذي يدرس فيه قبل ان يدخل الى جامعاته ويختار منها ما يناسب اختصاصه، وهذه العملية كلَّفتها ستة أشهر من مراسلة الجامعات الاميركية قبل ان تكتشف أن اختصاصها الدقيق غير موجود هناك ولن تتمكن من الدراسة في أميركا. وأضافت: «بدأت رحلة أخرى للبحث عن اختصاصي في الجامعات البريطانية وعثرت عليه بالفعل في جامعة شيفلد ثم استنزفت باقي الوقت في إنجاز اجراءات السفر». وعلى رغم أن نسرين حصلت على البعثة في ايلول (سبتمبر) 2009، فإن اجراءات السفر والفيزا واختيار الجامعة وصدور قرار الضم لم تنته إلا بعد قرابة ثلاث سنوات. وقالت: «أكثر ما اتعبني قضية الكفالة المالية فاللجنة التي ترتبط برئاسة الوزراء والتي تتكفل بدفع مصاريف البعثة أخبرتنا بإعفائنا من الكفالة لكنها طلبت منا لاحقاً كفالة بمبلغ 120 مليون دينار عراقي اي ما يعادل (100 ألف دولار اميركي)، وسمحت لنا بتقديم كفالة شخصية او عقارية، ولعدم امتلاكنا لعقار بهذا السعر تحركت لأكمال الكفالة الشخصية». الكفالة المذكورة تستوجب تقديم أشخاص من موظفي الدولة يكون مجموع رواتبهم السنوية مجتمعين بقيمة الكفالة، يتعهدون دفع الكفالة عند عدم عودة الطالب الى البلاد بعد إنهائه الدراسة، وهو إجراء معمول به في غالبية البعثات الدراسية لضمان عودة الطالب لاحقاً. أنوار طالبة أخرى حصلت على بعثة دراسية في الهند منذ بداية عام 2010 ولكنها اكتشفت بعد شهور من المراجعات للسفارة الهندية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي إن الطالب لن يحصل على الزمالة من دون السفر الى دلهي ومتابعة اوراقه هناك والتأكد من حصول موافقة المخابرات الهندية على انضمامه للجامعة التي اختارها. وأكدت ان هذا الأمر تسبب في تأجيل دراستها أكثر من عام وتبديل ترشيحها الى العام الدراسي 2011 - 2012 بدلاً من العام الدراسي 2010 – 2011. بيروقراطية تقتل الطموح وقالت انوار التي عادت قبل ايام الى بغداد لإكمال بعض الإجراءات والالتحاق بالجامعة مجدداً، انها اضطرت لإكمال جميع الإجراءات تحت ضغط الوقت لكونها لا تملك فرصة أخرى لإكمال دراستها في حال رفضها تلك الزمالة. وأضافت: «لولا انها فرصتي الاخيرة لإكمال الدكتوراه لتركتها وانتظرت فرصة أخرى، فوزارة التعليم العالي لا تسمح للطلاب المنسحبين من الزمالات بالتقديم مرة أخرى، إلا في حال تقديمه عذراً مقنعاً لسبب الإنسحاب خارج عن تذمره من الإجراءات الروتينية. مشكلة الإجراءات لا تتسبب بتعقيد انضمام طلاب البعثات الى دراستهم في الوقت المحدد فحسب، بل غالباً ما تتسبب بمشكلات من نوع آخر وتؤول الى حرمانه من الحصول على الفرصة التي انتظرها اعواماً». وقال محمد شاكر انه سبق أن انسحب من الدراسة في جامعة بغداد بعد حصوله على قبول من دائرة البعثات إلى خارج البلاد، لكنه فوجئ بأن اوراق انسحابه الرسمي من الدراسة تأخرت في الوصول الى الوزارة التي رفضت قيده بناء على كتاب سابق من جامعته وحرمته من إكمال اجراءات الإلتحاق ببعثته الجديدة. الطلاب الملتحقون بالجامعات الأجنبية لا يعانون مشكلات في القبول في تلك الجامعات، إذ ان غالبية معاناتهم تتكرس في الإجراءات الروتينية التي وضعتها وزارة التعليم واللجنة العليا لتطوير التعليم في العراق والتي تستنزف غالبية وقتهم لكن لا خيار آخر امامهم فإما الصبر والإلتحاق بالبعثة او الحرمان من التقديم للبعثات اللاحقة التي لن تكون افضل.