انطلقت في منتجع شرم الشيخ المصري أمس فعاليات القمة الخامسة عشرة لحركة عدم الانحياز تحت شعار «التضامن الدولي من أجل السلام والتنمية» بمشاركة قادة وممثلي 118 دولة بينهم 55 رئيساً إلى جانب ممثلي دول ومنظمات إقليمية ودولية تتمتع بصفة مراقب في الحركة وعشرات الدول والمنظمات المدعوة بصفة «ضيف». وخلا اليوم الأول للقمة من أي مفاجآت أو أحداث كبرى، فيما تترقب الأوساط السياسية والصحافية اللقاء المتوقع اليوم بين رئيسي وزراء باكستان يوسف رضا جيلاني والهند مانموهان سينغ والذي بدا أنه سيكون الحدث الأبرز في القمة ومهّد له لقاء جمع مسؤولين من البلدين مساء الثلثاء. واستبق سينغ لقاء اليوم بالإصرار على ضرورة «تفكيك البنية الأساسية للإرهاب» في باكستان. وتسلم الرئيس المصري حسني مبارك رئاسة الحركة لمدة ثلاث سنوات يعقبها تولي إيران الرئاسة. وحضر القمة زعماء 7 دول عربية هي: السودان، ليبيا، الجزائر، اليمن، الكويت، لبنان، فلسطين، وكان أبرز الغائبين الرئيسان السوري بشار الأسد والإيراني أحمدي نجاد وأمير قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني. وركزت كلمات القادة والزعماء على ضرورة تحقيق نظام دولي جديد يكون أكثر عدلاً ويمنح الأولوية لدفع الدول النامية من أجل التغلب على مشاكلها، فيما شن قادة دول هجوماً حاداً على الأممالمتحدة واتهموها في وجود الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون بعدم الاستقلالية. وأكد الرئيس الكوبي راؤول كاسترو ضرورة تأسيس «هيكل مالي واقتصادي جديد يستند الى المشاركة الفعلية لجميع الدول وخصوصاً الدول النامية»، فيما دافع الرئيس مبارك عن استمرار الحركة على رغم اختفاء النظام الدولي الثنائي القطبية، داعياً إلى تبني «نظام دولي سياسي واقتصادي وتجاري جديد أكثر عدلاً وتوازناً». وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، فأكد أن حركة عدم الانحياز «تلعب دوراً بالغ الأهمية لإقامة وتحقيق عالم خالٍ من أسلحة الدمار»، مشيداً بالتزام رئيسي أميركا باراك أوباما وروسيا ديمتري ميدفيديف بتحقيق خطوات من أجل الخفض الجدي والعميق لترسانة الأسلحة، إلا أنه أضاف أن «التحدي ما زال قائماً». وبدا لافتاً تجاهل الرئيس السوداني عمر البشير مشاكل بلاده وتركيزه في كلمته على الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. وقدم الرئيس مبارك الزعيم الليبي معمر القذافي لإلقاء كلمته باعتباره «ملك ملوك أفريقيا». وجذبت كلمة القذافي، كعادته، الانتباه حين أقر بأن بلاده كانت على وشك امتلاك القنبلة النووية، وانتقد بحدة النظام الدولي الراهن والأممالمتحدة، وطالب بتشكيل مجلس الأمن والسلم لدول حركة عدم الانحياز. وقال القذافي: «مجلس الأمن الدولي لا يمثلنا وليس لنا أي تأثير عليه»، ووصفه بأنه «أصبح سيفاً مصلتاً على رقاب الدول غير الأعضاء الدائمين فيه وهو مجلس يعمل بطريقة غير عادلة وغير ديموقراطية وغير نزيهة ووقع تحت سيطرة الدول دائمة العضوية ثم وقع عملياً تحت سيطرة دولة واحدة»، في إشارة إلى الولاياتالمتحدة. وأكد الرئيس اللبناني ميشال سليمان في الجلسة العامة الأولى للقمة «ضرورة اقامة عالم أكثر عدالة وأمناً»، كذلك ندد الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة ب «الفوضى والفوارق التي تشوب النظام الدولي»، وقال: «لا يمكن أن يستمر تهميش بلداننا وإقصاؤها من دوائر صنع القرار التي تتحكم في السياسة الاقتصادية العالمية». وفي هذا السياق دعا رئيس وزراء الهند إلى إدخال «إصلاحات جذرية على عملية صنع القرار في الأممالمتحدة والمؤسسات المالية الدولية». وحدد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى شروطاً عدة كي تستطيع الحركة مواجهة التحديات الجديدة أهمها إيجاد آليات ومؤسسات للحركة. وغادر أمير الكويت منتجع شرم الشيخ بعد حضور افتتاح القمة المقرر أن تختتم أعمالها اليوم بإصدار إعلان شرم الشيخ الذي يحدد رؤية دول الحركة لتطوير عملها وكذلك سبل مواجهة التداعيات السلبية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية.