عادت قضية عملاق النفط الروسي «يوكوس» الى الواجهة في مرحلة صعبة بالنسبة الى روسيا التي تخوض مواجهة مع الغرب، بعدما أصدرت محكمة دولية حكماً سارعت روسيا الى رفضه، بتغريم موسكو 50 بليون دولار كتعويضات لمساهمي الشركة النفطية التي فككتها السلطات الروسية قبل عشر سنوات وارسلت رئيسها ميخايل خودوركوفسكي الى السجن حيث بقي حتى الافراج عنه بعفو رئاسي قبل شهور. وينتظر ان يزيد قرار محكمة التحكيم في لاهاي من الضغوط الاقتصادية على الروس في اطار المواجهة التي فجرتها الأزمة الأوكرانية مع الغرب. وعلى رغم عدم وجود ترابط بين المسألتين، اطلقت أوساط روسية امس تساؤلات حول «توقيت صدور قرار المحكمة التي استمرت جلساتها سنوات واتخذت قرارها في مرحلة دقيقة من المواجهة». واعلنت وزارة المال الروسية في بيان «بسبب الثغرات الكبيرة في قرار محكمة التحكيم، ستحتج روسيا على هذه القرارات امام محاكم هولندا وتأمل في التوصل الى نتيجة منصفة». واوضح وزير المال سيرغي ستورتشاك «سيكون اجراء الغاء، احتجاج (على قرار المحكمة) وهدفه الحصول على الغاء». واضافت الوزارة ان محكمة التحكيم «لا تتمتع بصلاحية النظر في المسألة التي طرحت عليها»، موضحة ان روسيا لم تصادق على معاهدة شرعة الطاقة التي تحمي الاستثمارات في مشاريع الطاقة والتي استند اليها اصحاب الشكوى للفوز بالقرار. وألزم القرار روسيا بدفع 50 بليون دولار من التعويضات للمساهمين في الشركة النفطية الروسية «يوكوس» لاستملاكها هذه الحصص، وفق ما أعلن محامو المدعين أمس في لندن. وقال مدير المجموعة المساهمة «جي ام ال» تيم أوزبورن، الذي كان محاطاً بالمحامين في مؤتمر صحافي إن «الهجوم على يوكوس، دوافعه سياسية»، فيما أكّد المحامون ان هذا القرار «لا سابق له في تاريخ القضاء التجاري الدولي». وكانت قضية «يوكوس» تفجرت بقوة عام 2003 على خلفية اتهامات للشركة الكبرى بالتهرب من دفع الضرائب، وأثار اعتقال خودوركوفسكي بعد ذلك ضجة كبرى خصوصاً ان كثراً داخل روسيا وخارجها اعتبروا محاكمته سياسية. وفي السنتين التاليتين لفتح القضية، تم تفكيك الشركة وبيعت أصولها عام 2004 بمبلغ لا يزيد على 9.2 بليون دولار، الى شركة «يوغانسك نفط غاز» التي غدت في وقت لاحق جزءاً من امبراطورية «روس نفط» التي تتربع على رأس كبريات شركات النفط في روسيا والعالم. وانتقد مساهمو الشركة في تلك المرحلة عمليات التفكيك والبيع واعتبروا انها جرت بمعزل عن المعايير والتقويمات الدولية، ما يخفي شبهات لسعي نخبة «الاوليغارشية» الحاكمة للسيطرة على العملاق النفطي، بحسب ما قال خودوركوفسكي امس، معرباً عن اسفه لأن «من سيدفع التعويضات ليس المافيا البوتينية» (في اشارة الى مقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين). وسارعت موسكو الى انتقاد القرار واعتباره «مسيّساً» كما قال برلمانيون، بينما شدد وزير الخارجية سيرغي لافروف على ان بلاده ستعترض على القرار امام المحكمة وتستخدم كل السبل الممكنة قانونياً لابطال الحكم. وأعلنت «روس نفط» فاعلنت انها لن تتحمل اي مسؤولية عن دفع تعويضات، وقال ناطق باسمها ان الشركة لا علاقة لها بملف «يوكوس» وانها اشترت أصول شركة «يوغانسك نفط غاز» في شكل قانوني. وتعليقاً على القرار، اعتبر أليكسي بوغوريلوف، الاقتصادي في مصرف «كريدي سويس» السويسري، أن قرار المحكمة «يؤثر في تقويم الاستقرار المالي لروسيا على المدى الطويل، وقد يصبح أساساً لحجج (تدعو الى) مراجعة تقديرات روسيا من وكالات التصنيف الدولية». أما يان كلاينهيستركامب، وهو أستاذ مشارك للقانون في كلية لندن للاقتصاد، فشكّك في دفع روسيا الغرامة، وأضاف: «هذا يعني أن مساهمي (يوكوس) سيطاردون في نهاية المطاف، أصولاً روسية في الخارج، وهذا عمل شاق جداً ويكون عادة غير مثمر».