علمت «الحياة» أن القاهرة تسعى إلى رسم خريطة محدثة لحركات العنف، في مسعى منها للإلمام بارتباطات الجماعات المسلحة الجديدة في المنطقة ولجم تمدد نشاطها، بالتزامن مع نجاحات تحققها أجهزة الأمن ميدانياً في توقيف مشتبه بضلوعهم في عمليات إرهابية تشهدها البلاد منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي العام الماضي. وكشف ل «الحياة» مسؤول أمني أن «جهازي الاستخبارات والأمن الوطني يعكفان على إعادة صياغة خريطة نشاط الأصوليين في المنطقة وتحركاتهم بالتعاون مع دول عدة، تمهيداً للدعوة إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب ترعاه الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية». وأوضح أن «خريطة الإرهاب في الشرق الأوسط تغيرت خلال السنوات الماضية وانضم إلى صفوف الجماعات المسلحة الألوف من الشباب الذين حصلوا على تدريبات عالية المستوى»، محملاً دولاً لم يسمها مسؤولية «رعاية هؤلاء والانفاق عليهم ببذخ». وأشار إلى أن «غالبية القيادات المعروفة للتنظيمات الجهادية توارت، سواء بالاعتقال أو القتل في مواجهات أو التقدم في العمر، وصعدت قيادات جديدة لم تكن مدرجة ضمن قوائم الإرهاب في الماضي». ولفت إلى أن «تعاوناً يجري بين القاهرة وعدد من العواصم العربية والصديقة في هذا المجال، وهناك استجابة من دول أوروبية تجاه التعاون». ولفت إلى أن «أجهزة الأمن المصرية استعادت وثائق وملفات للجماعات المسلحة كانت فقدتها عقب اقتحام جهاز أمن الدولة في العام 2011، لكن هذه الملفات لم تعد كافية... خلال سنة حكم جماعة الإخوان المسلمين تم تسفير مئات الشباب إلى سورية بذريعة الجهاد، وهؤلاء باتوا مصدر تهديد للأمن المصري، إذ لوحظ أن غالبية العمليات الإرهابية الكبيرة التي وقعت في البلاد خلال الشهور الماضية كان يقودها عائدون من سورية، وهناك عشرات الشباب تلقوا تدريبات عسكرية في غزة قبل أن يعودوا إلى الأراضي المصرية». وقال إن «خريطة نشاط الأصوليين المصريين تتوزع بين تنظيم داعش في العراق وسورية، وتنظيم جبهة النصرة في سورية، إضافة إلى أن بعضهم يقودون جماعات مسلحة في ليبيا، كما أن لهم وجودا أيضاً في السودان ويلعبون دوراً في تهريب السلاح إلى الجماعات في سيناء». وكشف أن اعترافات أدلى بها موقوفون خلال عمليات يقودها الجيش في سيناء أفادت بأن «هناك شبكة تواصل بين أعضاء في التنظيمات الخارجية والمسلحين في الداخل إضافة إلى تنظيمات موجودة في غزة». ورأى أن خريطة الجهاديين الجدد «لن تكون مقصورة على المصريين فقط، فهناك تعاون يجري مع عواصم عربية، لا سيما المتاخمة لحدود دول ملتهبة، وسيتم تعميم تلك الأسماء لمحاولة الحد من تنقلاتهم وإرسال الأموال». ورفض الإفصاح عما إذا كان التعاون المصري – العربي يشمل النظامين في سورية والعراق، لكنه أكد أن القاهرة «تسعى بشتى الطرق إلى التوصل إلى معلومات عن أعضاء التنظيمات هناك». إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية أمس قتل قيادي في تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي تبنى غالبية العمليات المسلحة خلال السنة الماضية، فيما واصل الجيش عملياته في سيناء وأعلن قتل وتوقيف مسلحين هناك. وأوضحت وزارة الداخلية في بيان أن «معلومات توصلت إلى وجود أحد كوادر أنصار بيت المقدس ويدعى فيصل حسين سليم سليمان (33 سنة) في إحدى قرى مدينة القنطرة شرق في محافظة الإسماعيلية» إحدى مدن قناة السويس. وأشارت إلى أن سليمان «يُعد من أخطر كوادر التنظيم ومتهم بارتكاب العديد من وقائع التعدى على رجال الشرطة والجيش والمنشآت المهمة والحيوية». وأوضحت أنه «عقب وصول قوات الأمن وإحكام السيطرة الأمنية، حاول سليمان إلقاء قنبلة باتجاه القوات، وتم التعامل معه، ما أسفر عن مقتله وضُبطت في حوزته قنبلتان يدويتان عليهما شعار كتائب القسام، وحزامان ناسفان، وبندقية آلية وخمس خزنات ذخيرة لها، وعدد من دوائر التفجير، وسترة عسكرية». وأكد الناطق باسم الجيش في بيان مقتل «أحد العناصر التكفيرية الخطرة يدعى فيصل المحسنة بعد تبادل كثيف لإطلاق النار، والقبض على ثلاثة عناصر تكفيرية خطرة هم أبوبكر هلال سويلم سالم، وسالم حسين سليم سليمان، ومحمد حسين سليم سليمان». وأضاف أن «قوات الجيش أوقفت أيضاً 11 مطلوباً آخرين، في استمرار للحملات الأمنية المكثفة ضد البؤر الإرهابية والتكفيرية في شمال سيناء»، مشيراً إلى تدمير سيارة ربع نقل مفخخة، و11 دراجة بخارية من دون لوحات معدنية. وقال مسؤول عسكري ل «الحياة» أمس إن القوات واصلت حملاتها حتى فجر أمس على معاقل الجماعات «التكفيرية» في قرى جنوب مدينة الشيخ زويد «فقتلت 5 من هذه العناصر المسلحة على الأقل، كما ضبطت 11 آخرين ليصل بذلك عدد ممن تم استهدافهم منذ يوم الجمعة الماضي وحتى فجر (أمس) إلى 34 عنصراً».