مهد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف للقائه اليوم مع نظيره الأميركي باراك أوباما بالتأكيد على استعداده لإقامة «علاقات عمل براغماتية» مع واشنطن. واعتبر أن مواقف الإدارة السابقة هي سبب تردي العلاقات خلال السنوات الأخيرة، في دعوة غير مباشرة للرئيس الأميركي الجديد للتخلص من تبعات سياسات إدارة الرئيس جورج بوش. وفي جولته الخارجية الاولى منذ توليه الرئاسة، يصل اوباما الى لندن اليوم، للمشاركة في قمة مجموعة العشرين الخميس. واضافة الى محادثاته مع ميدفيديف، يلتقي اوباما في العاصمة البريطانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز. وبعد بريطانيا، يتوجه اوباما الى فرنسا والمانيا حيث يشارك في قمة الحلف الاطلسي لمناسبة الذكرى الستين للحلف، ثم الى براغ حيث يحضر لقاءات الولاياتالمتحدة واوروبا واخيراً يصل الى تركيا. وينتظر أن يتطرق اوباما وميدفيديف خلال لقائهما إلى جملة واسعة من الملفات أبرزها قضايا نزع السلاح الاستراتيجي والأمن في أوروبا والوضع في أفغانستان وبرنامج إيران النووي. واستبق الجانبان اللقاء بإطلاق إشارات إلى عزمهما على تجاوز الخلافات الماضية، ودخول مرحلة جديدة من العلاقات، وهي عملية أطلقت عليها الإدارة الأميركية مصطلح «إعادة التشغيل» الذي رحب به الروس، لكنهم ربطوا تطبيقه بتسوية القضايا الخلافية المستعصية. وفي مقالة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» امس، مهد ميدفيديف للقائه مع أوباما بالتأكيد على أن تحسين العلاقات بين موسكووواشنطن سينعكس إيجاباً على الوضع الدولي كله. وحمل الرئيس الروسي الإدارة الأميركية السابقة مسؤولية تردي العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن « خطط الإدارة الأميركية السابقة، وبالتحديد، ما يتعلق بنشر الدرع الصاروخية في شرق أوروبا ومحاولات الأطلسي التوسع شرقاً، ورفض المصادقة على معاهدة القوات التقليدية في أوروبا (..)كل هذه المواقف كانت تضر بمصالح روسيا وهي سبب تردي العلاقات». وشدد ميدفيديف على أن الرسائل المتبادلة مع الرئيس الأميركي أكدت على الاستعداد «لإقامة علاقات عمل براغماتية ثنائية ناضجة». ويشدد الروس على ملفين أساسيين مطلوب التقدم فيهما لتحسين العلاقات، أولهما مسألة استئناف عملية نزع السلاح، عبر التوصل قبل نهاية هذا العام الى توقيع معاهدة جديدة للحد من الأسلحة الإستراتيجية. ويعد هذا الملف الأسهل لأن مواقف البلدين متقاربة في شأنه. في حين يبدو موقف الإدارة الأميركية الجديدة من الملف الثاني المتعلق بخطط نشر «الدرع» غير واضحة للروس. وهو أمر سعى مدفيديف إلى التأكيد على ضرورة تقريب المواقف في شأنه «لأن محاولات صيانة الأمن بشكل أحادي منفرد هي عبارة عن وهم خطير». وتعد علاقات موسكو مع جاراتها من الجمهوريات السوفياتية السابقة ملفاً خلافياً بارزاً أيضاً، خصوصاً بعد إعلان أوباما أخيراً تأييده لتوسيع «الأطلسي» وضم «من يرغب» من البلدان . كما يدخل ملف إيران النووي ضمن لائحة القضايا «الصعبة» المعروضة للنقاش خلال القمة. وكان هذا الموضوع أحد المسائل التي تبادل الطرفان المشاورات في شأنها على مستوى وزراء الخارجية أخيراً. وترددت انباء عن اقتراح أميركي بعدول واشنطن عن فكرة نشر «الدرع» في مقابل قيام موسكو بدور واضح لكبح جماح طموحات إيران النووية. وعلى رغم أن الطرفين عادا بعد ذلك الى نفي صحة الأنباء التي تحدثت عن «صفقة» تبادلية، يجري إعدادها, فإن اشارة مسؤولين أميركيين وروس أكثر من مرة أخيراً، إلى أن «تسوية الملف النووي الإيراني سوف تسهل إيجاد حلول لمشكلات الأمن في أوروبا» عكست نقاشاً دائراً بين الجانبين حول هذه المسألة، يرى خبراء في روسيا أنه قد يتبلور في توجهات عامة مشتركة للتعامل مع ملفات الأمن في أوروبا ك «رزمة» واحدة تدخل فيها مشكلة إيران النووية ومسألة «الدرع» ومسألة إنشاء نظام امني أوروبي جماعي. اللافت أنه وعلى رغم حدة المسائل الخلافية، لم يستبعد خبراء أن تسفر قمة اليوم، عن «اختراق» على صعيد العلاقة خصوصاً إذا تمكن الجانبان من التوصل الى اتفاق نهائي في قضية تقليص الأسلحة الهجومية الإستراتيجية، التي ينظر إليها باعتبارها اختباراً لقدرة الجانبين على «إعادة تشغيل» التعاون في القضايا الدولية.