لفت نواب عراقيون الى تراجع الدور الرقابي للبرلمان على السلطة التنفيذية بعد فورة في طلبات الاستجوابات شهدتها الاسابيع الاخيرة نتيجة «الصفقات» التي عقدت بين الكتل البرلمانية حول ملفات فساد متبادلة وضغوط الحكومة لإيقاف استجواب وزرائها. وتصاعد نشاط البرلمان الرقابي على أداء الوزراء خلال الاسابيع الماضية، وتم فتح الكثير من ملفات الفساد الاداري والمالي المتعلقة بعدد من الوزارات، وتم استجواب عدد منهم ما أدى الى استقالة وزير التجارة عبدالفلاح السوداني بعد اتهامه بالفساد الاداري والمالي. وقال الناطق باسم «القائمة العراقية» النائب عزت الشابندر في تصريح الى «الحياة» ان «الحماسة التي شهدها البرلمان في استدعاء الوزراء واستجوابهم جاءت على خلفية سياسية لرغبة الكتل التي نادت به الاطاحة بأطراف سياسية بالدرجة الاولى وليس بهدف الكشف عن حالات الفساد، وبالتالي فإن تراجع هذه الحماسة جاء ايضاً على خلفية سياسية من خلال عقد صفقات بين الكتل المختلفة». وشدد الشابندر على ان «استجواب الوزراء عملية دستورية وقانونية ينبغي على اي طرف ألا يبدي امتعاضه منها»، مشيراً الى «الكثير من ملفات الفساد الاداري والمالي المتهم بها وزراء في شكل واضح ولا تستند الى اي امر سياسي، الا ان الكتل السياسية التي يعود اليها الوزراء تبدأ بعقد صفقات مع الكتل الاخرى لتعطيل الاستجوابات». من جهتها اتهمت النائب عن «كتلة الائتلاف العراقي الموحد» شذى الموسوي رئاسة البرلمان بالإذعان لضغوط الحكومة، مشيرة إلى أن سفر رئيس البرلمان المتكرر إلى خارج العراق يأتي للتهرب من مواجهة المشاكل، وأن «التوافقات السياسية والتهديدات وترهيب النواب وتردد هيئة الرئاسة وسفر رئيس البرلمان أدت إلى تراجع الدور الرقابي». وأكدت الموسوي رفض رئاسة البرلمان الاستجابة لطلبات عدة باستدعاء وزراء ومسؤولين متهمين بقضايا فساد اداري ومالي، مضيفة ان «هناك طلبات باستضافة وزراء النفط والنقل والكهرباء والدفاع، الا انه لم يتم تفعيلها من جانب رئاسة البرلمان». وكشف نواب رفضوا الاشارة الى اسمائهم عن «ضغوط مارستها الحكومة لايقاف موجة الاستجواب التي يتعرض لها وزراء، اذ ان الحكومة لمّحت الى انه سيتم كشف ملفات فساد اداري ومالي متعلقة بالنواب، ما ادى الى تراجع البرلمان في استجواب الوزراء». من جهته، اشار عضو لجنة النزاهة في البرلمان عن «مجلس الحوار» محمد تميم في تصريح الى «الحياة» الى ان «الدور الرقابي للبرلمان لم يتراجع، الا ان هناك تغييراً طرأ على طريقة القيام بهذا الدور»، موضحاً ان «الآلية الجديدة تقوم على عرض الملفات التي تثار ضد وزراء ومسؤولين على اللجان المختصة وتتم دراستها بعيداً من التصريحات الاعلامية التي تثير الحساسيات وبعد اكتمال متطلبات الاستجواب القانونية يتم استدعاء الوزير الى البرلمان». واعترف تميم بأن «هذه الآلية تؤخر الكشف عن قضايا الفساد الاداري والمالي الا انها تحول دون جعل استجوابات الوزراء قضية سياسية وتبعدها من دائرة الصراعات القائمة بين الكتل السياسية». الى ذلك يستكمل البرلمان الاسبوع المقبل مناقشاته حول الاتفاق الامني بين العراق وبريطانيا، مع اصرار الكتلة الصدرية على رفض هذا الاتفاق. وأبلغ النائب عن حزب «الدعوة - تنظيم العراق» خالد الاسدي في تصريح الى «الحياة» أن «رئاسة البرلمان قررت تأجيل التصويت على الاتفاق إلى الاسبوع المقبل خشية انسحاب الكتلة الصدرية من جلسة التصويت والإخلال بالنصاب القانوني».