تلقت الاوساط السياسية في العراق الخطاب المصور الاول منذ العام 2003 لنائب رئيس «مجلس قيادة الثورة» المنحل والامين العام لحزب «البعث» عزة الدوري، باستياء شديد، وأبدى بعضها دهشته مما اعتبره «إصرار البعث على محاربة النظام الجديد»، فيما وصفت اطراف اخرى الخطاب ب «الاعتيادي والروتيني» واعتبرته دليلاً على وجود الدوري في سورية. وكان الدوري ظهر مساء السبت للمرة الاولى منذ اجتياح البلاد قبل تسعة اعوام في رسالة مصورة استمرت لأكثر من ساعة ونشرت على الانترنت لمناسبة الذكرى 65 لتأسيس «البعث» هاجم فيها العملية السياسية وقال «إنها قد نفذت بالكامل اليوم لإيران، وهي تنفذ أخطر مشروع للفرس بهدف ابتلاع العراق ثم تدمير الامة». وهدد ب «مواصلة المقاومة لتغيير النظام السياسي»، واعتبر أن الحكومة الحالية «حولت العراق إلى لقمة سائغة بيد الصفويين»، وأضاف «حتى باتت المواجهة معهم وجهاً لوجه». واعتبر عضو «ائتلاف دولة القانون» عدنان السراج، ان «خطاب الدوري لم يكن موجهاً الى العراق بالدرجة الأساس، بل الى الدول العربية، وتحديداً تلك التي تشهد ثورات لتغيير انظمة ديكتاتورية شبيهة بنظام حزب البعث السابق». وقال السراج في تصريح الى «الحياة»، إن «خطاب الدوري هو عبارة عن اعلان القطيعة مع سورية التي احتضنته لسنوات، فهو على رغم معارضته التدخل الخارجي فيها، الا انه أيّد الدول التي تسعى الى تغيير النظام بطريقة او بأخرى». وتابع: «لا شك لدينا في ان خطاب الدوري حمل ايضاً رسائل الى جماعات معينة قد تكون داخل البلاد او خارجها، ابرزها رسالة الى الجماعات النقشبندية والدينية التي دخلت أخيراً في مشروع المصالحة وكانت قبل فترة مقربة من تنظيمه». وشدد على ان «الدوري أراد إثبات وجوده وتكذيب أنباء وفاته وإعلان استمرار عدائه للعراق». وهاجم الدوري، الذي بدا صوته ضعيفاً وظهرت ملامح التقدم في السن على وجهه، دعاة التدخل العسكري في سورية التي تشهد منذ اكثر من عام حركة احتجاجية ضد النظام، وقال: «اليوم في سورية الحبيبة نحن وإياكم مع الشعب السوري الشقيق ومع حقوقه المشروعة ومع انتفاضته السلمية الباسلة». واستدرك: «ما لكم أقمتم الدنيا على النظام السوري ولم تقعدوها حتى وصلتم الى تجييش الجيوش على سورية وغزوها لولا ان اميركا والناتو رفضوا هذا التوجه وكانوا أرحم بالشعب السوري منكم». وذكر ان «اميركا والناتو في حقيقة نواياهم يرغبون بسحق الشعب السوري وتدمير حياته وتفتيت ارضه، ولكنهم غير قادرين على ذلك اليوم بعد ان سحقوا في العراق وأفغانستان». من جهته اعتبر النائب عن «التحالف الكردستاني» محمود عثمان، الشريط المصور للدوري «دليلاً على استمرار وجوده في سورية»، وقال ل «الحياة» إن «الدوري كان يتنقل بين دول عدة كان فيها نفوذ كبير لحزب البعث، واليوم ليس لديه مأوى غير سورية». وكان الدوري اكد في رسالته أنه في بغداد، فيما قال في وقت سابق إنه في محافظة واسط الجنوبية. وأبدى عثمان دهشته من «استمرار خطاب البعث بالوتيرة نفسها واستخدامه الأفكار والمصطلحات نفسها رغم التغيير الكبير الذي حصل في العالم والعراق»، وأضاف: «كنا نتوقع ان يغير البعث من خطابه، لكننا لم نجد جديداً في خطاب الدوري الاعتيادي والروتيني غير تناوله لثورات الربيع العربي واعلان عداوته للإخوان المسلمين. اما بخصوص العراق، فالكلام كان مكرراً». من جهته، اعتبر عضو «كتلة الاحرار» الممثلة للتيار الصدري جواد الجبوري، أن «تصريحات بقايا حزب البعث المنحل دليل يأس ولا وزن لها في الساحة السياسية، لانه يُعَدّ كلام خاسرين لا يقدم ولا يؤخر في عجلة تقدم العراق». وقال الجبوري إن «كل من يصرح عبر الانترنت ومن خلف الكواليس وفي غرف مقفلة ومظلمة، يؤكد عجزه وصغر حجمه وضعف تأثيره على الساحة السياسية». وأضاف: «هؤلاء المفسدين لو كانوا موجودين كما يعتقدون، عليهم ان يقدموا شيئاً للعراق ويساهموا في إعماره وليس في قتل أبنائه».