أبدى نواب وخبراء عراقيون توجساً من أن تعاود الحكومة المنتهية ولايتها تفعيل ملف «الحوالات الصفراء» مع الحكومة المصرية، لكن بأرقام بلغت ثلاثة أضعاف المعلن عنها خلال الزيارات الرسمية بين البلدين. وحذّروا من مغبة استغلال ملفات كهذه لتمرير عمليات فساد مالي تصب في مصلحة بعض الإطراف. وكان مئات الآلاف من العمال المصريين في العراق يرسلون حوالات مالية إلى عائلاتهم حتى عام 1990، وفق النظام الماليالعراقي الذي يقضي بدفع الأموال لفروع المصارف الحكومية، مثل «الرافدين» و«الرشيد»، ويحصل الراغب في التحويل على سند أصفر بقيمة المبلغ الذي حوّله. ثم ترسل المصارف العراقية أوامر الدفع إلى بنوك في مصر مع التعهد بتغطية قيمتها. لكن الحصار الاقتصادي الذي فُرض على العراق بعد اجتياح الكويت في آب (أغسطس) 1990 جمّد تلك الأموال منذ ذلك الحين. وكان الجانبان اتفقا على أن تدفع بغداد 408 ملايين دولار للجانب المصري لتعويض أصحاب الحوالات، فيما أعلن الجانب العراقي أخيراً أن «المبلغ هو بليون دولار». وبحث وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي نصار الربيعي، في مصر مع رئيس اتحاد العمال المصري محمد الجبالي سبل إنهاء هذا الملف الشائك. وأوضحت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بيان، أن الجانبين «تطرقا إلى الحوالات التي أرسلها العراق إلى فرع «بنك الرافدين» في مصر لتسليمها إلى دائرة تقاعد العمال المصرية». وكان العراق أطلق مليون دولار دفعة أولى من أجور العمال المصريين والبالغة بليون دولار. وأعلن الاتحاد العام للعمال في مصر، تسلمه «خطاب تحويل بمبلغ مليون دولار من العراق، كدفعة أولى من المعاشات التقاعدية للعمال المصريين في العراق». وقال رئيسه جبالي المراغي، أن الاتحاد «سيتواصل مع «بنك الرافدين» في القاهرة ووزارة المال للتعرف على إجراءات صرف المبالغ المالية للمستحقين وعددهم 62 عاملاً كدفعة أولى». وأشار المراغي، إلى أن الاتحاد «زار العراق واستلم «قرصاً مدمجاً يتضمن أسماء مستحقي الدفعة الأولى للمعاشات». وكان المدير العام لدائرة الديْن العام في الوزارة موفق طه عز الدين الحوري، أعلن أن الوزارة «سددت ديون مصر عبر الحوالات الصفراء والبالغة 408 ملايين دولار خلال عام 2013». وشككت عضو اللجنة الاقتصادية النيابية نورة البجاري في هذا الملف وطرق التعاطي معه وأسباب تفعيله الآن، على رغم انه «أغلق قبل سنة من الآن وباعتراف وزير المال نفسه». وقالت في تصريح إلى «الحياة»، أن الحكومة «امتنعت عن إحاطة اللجان بمعلومات كاملة عن هذا الملف على رغم مطالبات اللجان التخصصية في مجلس النواب». وأكدت «حق مجلس النواب في مساءلة الحكومة عن أي مبلغ يوضع أو يُضاف ضمن قانون الموازنة». وأعلنت حرصها على «طرح أسباب زيادة مبلغ التعويض من 408 ملايين دولار إلى بليون خلال جلسة إقرار الموازنة». وسأل الخبير الاقتصادي حيدر داود، عن «العمل الذي كان يؤديه العمال المصريون ليكون تعويض كل 60 منهم بمبلغ مليون دولار. وأقرّ البنك المركزي العراقي استناداً إلى نائبه السابق مظهر محمد صالح، بأن العراق «مستعد لدفع هذه التعويضات لكن كأجور وهم يستحقونها». وأسف ل «محاولة بعضهم بسبب الأوضاع التي يمر فيها العراق، استغلال هذا الظرف أبشع استغلال». ورأى أن لليد العاملة المصرية «مستحقات لدينا كأجور ونحن نعترف بها ومستعدون لدفعها، لكن مطالبهم الآن تتعدى قيمة هذه الأجور ويطالبوننا بدفع تعويضات وفوائد ونسب أرباح، وهو أمر غير مقبول». ولفت إلى أن غالبية «إخواننا المصريين حصلوا على تعويضات من صندوق التعويضات، وبعض المطالب غير معروف ووهمي». وطالب الجهات المصرية ب «التحقيق بهذا الأمر تحديداً، وشرح أسباب قيام بعض المصريين بطرق أبواب الأممالمتحدة والحصول على تعويضات دفعها العراق أيضاً، ثم يأتون أنفسهم ويطالبون بأجور وفوائد».