احتلت الدول العربية هذه السنة مواقع متقدمة نسبياً في تصنيف «مؤشر الجاهزية الشبكية» (NRI)، مع حلول خمس منها من ضمن المراكز ال 40 الأولى عالمياً، فجاءت البحرين في المركز الأول عربياً وال 27 عالمياً، تلتها قطر في المرتبة الثانية عربياً (28 عالمياً) والإمارات في المرتبة الثالثة عربياً (30 عالمياً) والسعودية في المرتبة الرابعة عربياً (34 عالمياً) وعُمان في المرتبة الخامسة عربياً (40 عالمياً). وكان «المنتدى الاقتصادي العالمي» (منتدى دافوس) وكلية إدارة الأعمال الدولية «إنسياد»، أصدر «التقرير السنوي العالمي الحادي عشر لتقنية المعلومات» الذي يرصد الجاهزية الشبكية ل 142 دولة متقدمة ونامية عالمياً، تمثل مجتمعة نحو 98 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويتضمن التقرير المؤشر الخاص بقياس مدى استفادة الدول المختلفة من التطورات المتسارعة لتقنيات المعلومات والاتصالات في دفع وتعزيز الإنتاجية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية، ودرس الدوافع والنتائج المترتبة على معايشة الشركات والأفراد والحكومات لعالم الترابط الرقمي المتشعّب. وكانت 4 دول من شمال أوروبا، هي السويد وفنلندا والدنمارك وسويسرا، بين أكثر 10 دول نجاحاً على المستوى العالمي في الاستفادة من تقنية المعلومات والاتصالات في استراتيجيات تعزيز القدرات التنافسية الدولية، ودعم استراتيجيات التنويع الاقتصادي وتعزيز الكفاءة والتحديث. واحتلت السويد المرتبة الأولى عالمياً في هذا المجال، وجاءت سنغافورة في المرتبة الثانية. وتضمنت قائمة الدول العشر الأولى في التصنيف أيضاً كلاً من فنلندا والدنمارك وسويسرا وهولندا والنرويج والولايات المتحدة وكندا وبريطانيا على التوالي. وقال أستاذ «كرسي رولاند بيرغر للأعمال والتقنية» في كلية «إنسياد» المؤلف المشارك للتقرير، سوميترا دوتا: «شهدت صناعة تقنية المعلومات والاتصالات خلال السنوات العشر الماضية تغييرات هائلة، باتت آثارها تساهم في تحويل اقتصاداتنا ومجتمعاتنا على نحو متزايد، وحرص التقرير على تطوير الإطار الذي نستخدمه لرصد مدى انتشار تقنية المعلومات والاتصالات وآثارها على الدول المختلفة وقياسها ومعايرتها». وأضاف: «أدخلنا مجموعة جديدة من المقاييس، ليس فقط لقياس مدى توافر التقنيات، إنما لقياس الأساليب التي تعتمد فيها الاقتصادات المختلفة هذه التقنيات في الشكل الأمثل، ما يعزز من مستويات الابتكار في قطاع الأعمال والحوكمة والمشاركة السياسية والترابط الاجتماعي، كما يقدم تقرير هذا العام رؤية موسّعة لكيفية دمج التقنية في نسيج كل دولة». مؤشرات فرعية واعتمد «مؤشر الجاهزية الشبكية لعام 2012» على 53 مؤشراً، لحساب تأثير تقنية المعلومات والاتصالات على السياسات العامة. وأخذ التقرير العالمي لتقنية المعلومات لهذا العام في الاعتبار عوامل، مثل مدى انتشار خدمات النطاق العريض النقّالة، وقلّل من أهمية مؤشرات كانت تحظى بأهمية في السابق، مثل معدلات انتشار الهواتف الثابتة. ويتضمن التقرير أيضاً تفاصيل محلية عن 142 اقتصاداً عالمياً، حول مستوى استيعاب كل منها لتقنية المعلومات والاتصالات والآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن ذلك. وأشار التقرير إلى أن «الحكومة السعودية أدركت أهمية تقنية المعلومات والاتصالات كمحرك رئيس لعملية التحوّل الاقتصادي في البلاد»، وإلى التزام حكومة الإمارات القوي بتقنية المعلومات والاتصالات ضمن صدارة أولوياتها (تحتل المرتبة السابعة عالمياً في هذا المجال)، واعتبارها تقنية المعلومات والاتصالات واحدة من المحركات الرئيسة لتنويع اقتصادها المعتمد على النفط، إذ تمكنت من تطوير بنية تحتية جيدة لتقنية المعلومات والاتصالات (المرتبة 25 عالمياً) وإطاراً ملائماً لحفز الأعمال التجارية والابتكار (المرتبة 21 عالمياً). وعززت الإمارات مستوى الابتكار في طرح منتجات وخدمات جديدة (المرتبة 15 عالمياً)، ونماذج تنظيمية جديدة (المرتبة 21 عالمياً). ولفت المدير التنفيذي للمعامل الإلكترونية في كلية «إنسياد» برونو لانفين إلى أن الإمارات يمكن أن تستفيد أيضاً من توسيع قاعدة المهارات الشاملة المتاحة، خصوصاً في القضاء على الأمّية لدى البالغين (المرتبة 86 عالمياً)، وزيادة المشاركة في التعليم العالي (المرتبة 85 عالمياً)، كما سيساهم تحرير أسواق تقنية المعلومات والاتصالات (المرتبة 117 عالمياً) في الحدّ من ارتفاع تكاليف الوصول إلى الإنترنت (المرتبة 94 عالمياً) وتعزيز مستويات انتشار واستخدام تقنيات المعلومات والاتصالات في البلاد. «الفجوة الرقمية» وتابع برونو إن العديد يعتبرون أن «الفجوة الرقمية» تعتبر مصطلحاً عف عنه الزمن، لكن بيانات التقرير السنوي العالمي لتقنية المعلومات تؤكد أن ذلك «ما زال أمراً واقعاً»، فعلى رغم الانتشار العالمي المذهل للهواتف النقّالة، لا تزال الدول الأكثر فقراً، خصوصاً في أفريقيا، تعاني ضعفاً واضحاً للبنية التحتية وقدرات الاتصال، مشيراً إلى أن التحولات السريعة في أساليب توليد البيانات ونقلها وتخزينها وتبادلها واستخدامها تؤمّن فرصاً جديدة وواعدة لسدّ «الفجوة الرقمية» بين الدول، كما تحول دون حدوث فجوة أكثر عمقاً في قطاعات، مثل الاتصالات عريضة النطاق والحوسبة السحابية ومواقع التواصل الاجتماعي والبيانات كبيرة الحجم. وأكد لانفين أن «هذه هي القضايا الرئيسة التي يتعين على الدول إدراكها، ووضع السياسات الملائمة للتعامل معها في شكل ملحّ». وأوضح الرئيس التنفيذي للأعمال في «المنتدى الاقتصادي العالمي» روبرت غرينهيل أن «الترابط الرقمي يعيد تعريف العلاقات بين المستهلكين والأفراد والشركات والمواطنين والدولة، في المجالات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة». وأضاف: «ستكون لهذه التحوّلات آثار حتمية على السياسات والتشريعات، وستضطر الجهات التشريعية إلى التوسّط في شأن ضبابية الخطوط الفاصلة بين القطاعات والصناعات المعنية، وستجد نفسها ملزمة بالإشراف على أوجه متعددة في شكل شمولي». تطبيقات وقال الشريك الرئيس والمدير العالمي لقطاعات الاتصالات والإعلام والممارسات التقنية في شركة «بوز أند كومباني» للاستشارات، المشاركة في إعداد التقرير، كريم صباغ: «تؤمّن التطبيقات الرقمية إمكانات غير مسبوقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ويتعيّن على صانعي السياسات أن يكونوا على وعي بآفاق النمو والفرص التي يتيحها هذا التحوّل وصياغة السياسات التي تعزز عملية التحوّل الرقمي في الوقت المناسب، إلى جانب تسهيل خلق نماذج جديدة معتمدة على التحوّل الرقمي بوتيرة أسرع من النماذج القديمة الآخذة في الانهيار». ويذكر أن «التقرير السنوي العالمي لتقنية المعلومات لعام 2012» من دوتا والمدير المساعد والخبير الاقتصادي في «مركز التنافسية والأداء العالمي» التابع ل «المنتدى الاقتصادي العالمي»، بانات بلباو - أوروريو. ويعتبر التقرير شديد الشمولية والموثوقية في شأن تأثيرات تقنية المعلومات والاتصالات على القدرات التنافسية للأمم ومدى ازدهارها عالمياً.