ثمة تفاؤل واضح بقرب الإعلان عن اندماج سوق أبو ظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالية في سوق واحدة هي سوق الإمارات المالية بعد مرور نحو 12 سنة على تأسيس السوقين، لتحتل السوق الجديدة المرتبة الثالثة بعد السوقين السعودية والقطرية في مؤشر القيمة السوقية. وتبلغ القيمة السوقية 410.4 بليون دولار لأسهم الشركات المدرجة في السعودية و104 بلايين دولار لأسهم الشركات المدرجة في الإمارات. مضت سنتان تقريباً على بداية طرح فكرة الاندماج، وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن مصرف الاستثمار العالمي «غولدمان ساكس» كلِّف دراسة هذا الموضوع وتأثيراته الإيجابية والسلبية والأهداف التي ستتحقق منه، علماً أن تأسيس سوقين عام 2000 في الإمارات كانت له نتائج إيجابية في مقدمها إيجاد منافسة شديدة بين إداراتيهما لتقديم أفضل الخدمات، سواء للمستثمرين أو الشركات المدرجة، إضافة إلى استقطاب الكثير من الشركات الإقليمية لإدراج أسهمها في السوقين بهدف تعميقهما وتنويع الفرص الاستثمارية المتوافرة فيهما. وكان لتشجيع الشركات المدرجة على السماح للأجانب بتملك حصص من رؤوس أموالها تأثير إيجابي في تدفق استثمارات أجنبية ضخمة على السوقين مساهمة كبيرة في ارتفاع سيولتهما في الوقت ذاته. وكانت هيئة الأوراق المالية الإماراتية تسابق السوقين في وضع القوانين والأنظمة والقواعد التي تساهم في الحفاظ على حقوق المستثمرين، سواء من داخل الدولة أو من خارجها، ورفع مستوى كفاءة السوقين ونضجهما. لكن بعد مرور 12 سنة على تأسيس السوقين، يتضح أن من مصلحة الاقتصاد الوطني ومصلحة السوقين ومصلحة المستثمرين اندماجهما في سوق واحدة، فالدمج سيوجد كياناً مالياً واستثمارياً قوياً يعكس قوة اقتصاد الإمارات بقطاعاته كلها. وسينظَر إلى هذا الاندماج بإيجابية من المؤسسات المالية والاستثمارية، سواء على مستوى المنطقة أو على مستوى العالم. وثمة توقعات بأن يؤدي هذا الاندماج إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي إضافة إلى تسهيل انضمام السوق الموحدة إلى مؤشرات استثمارية عالمية مهمة وفي مقدمها مؤشرات «إم إس سي آي»، بما يمهد لرفع التصنيف الحالي لكل من السوقين ك «سوق ناشئة جديدة»، وهو تصنيف يعكس ارتفاع الأخطار فيهما، إلى «سوق ناشئة». وتعتبَر الاندماجات التي تشهدها بورصات عالمية كثيرة علامة على عصر جديد، فالعالم يتحرك إلى الأمام فيما تشير دراسات إلى أهمية اندماج أسواق أسهم الخليج كلها في سوق واحدة توجد كياناً استثمارياً قوياً يعكس اقتصاداً إجمالياً عملاقاً واحتياطات مالية ضخمة. وسيساهم الاندماج في خفض التكاليف، والاحتفاظ فقط بالكوادر والكفاءات المؤهلة في السوقين، إضافة إلى اختصار الكثير من الإجراءات اللازمة للتداول، ومنها، مثلاً، فتح حساب واحد بدلاً من حسابين، ومقاصة واحدة، ورقم مستثمر واحد، وجهة رقابية وإدارية وقانونية واحدة، وتعليمات وأنظمة موحدة، ومؤشر واحد. يجري التعامل حالياً مع كل سوق باعتبارها كياناً مستقلاً، سواء لجهة آليات العمل أو القوانين المنظمة، لكن إيجاد سوق واحدة سيساهم في تنوع الأدوات الاستثمارية المتوافرة ويعزز بالتالي الثقة في الاستثمار في السوق. يذكَر أن سوق أبو ظبي مملوكة من حكومة أبو ظبي بينما تتوزع ملكية سوق دبي المالية بعد تحويلها إلى شركة مساهمة عامة عام 2007، ما بين حكومة دبي التي تملك ما نسبته 80 في المئة من رأس المال، ومستثمرين أفراد تبلغ حصتهم 20 في المئة من رأس المال. وسوق دبي أول سوق في المنطقة تصبح شركة مساهمة عامة. * مستشار لأسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»