إحدى علامات جدة الفارقة، «حراجها» الشهير في جنوبها القاصي، والذي اكتسب شهرته بملايين الخطوات التي تجوبه في كل الأوقات. وحده حراج جدة الذي لا ترتبط ذروة نشاطه بموسم أو مناسبة، هو في حال نشاط محموم كل يوم، بسياراته المستعملة أو المغلقة من بلد الصنع، باهظة الكلفة تلك، أو بالزهيد منها. إلا أن الأصوات تعلو منذ فترة مطالبة إما بنقل السوق إلى بقعة جغرافية أوسع تتناسب مع حجم السوق وريادتها على مستوى المنطقة، أو بإيجاد أخرى رديفة في شمال المدينة، إلا أن مشكلة إيجاد موقع مناسب وغلاء أسعار الأراضي حالا دون تحقيق هذه المطالبات حتى الآن. وعلى رغم الإقبال الكبير الذي يشهده الحراج، إلا أن وجهه المظلم الذي لا يسر الناظرين هو عشوائيته وسوء تنظيمه، وهو الوجه الذي لم يتغير منذ نشأته ومرور عشرات السنين على عمر بقائه. في جدة وحدها تجتمع المتناقضات، فببساطة تستطيع تحديد الطبقة التي تعتاد حراج السيارات في الجنوب بسيما الوجوه وبشعبية الموقع، خلافاً للصالات المنتظمة في الشمال وكأنها تحف فنية لا تمسها إلا أيدٍ ناعمة لم تتلطخ بالكد والتعب، فقط تقبض على «شيكات» تثقلها أصفار ذات اليمين.