بكل سعادة تلقيت 267 رسالة بريدية معظمها باللغة الإنكليزية من بعض القراء رداً وتفاعلاً وتجاوباً وسعادة وتقديراً مع مقال «سخرة أم عبودية»، و5 خطابات عربية تشكرني على استحياء وتلمح بعدم التصعيد وبعدم التهويل وبالتأكيد بأنها حالة فردية قد لا يتكرر حدوثها، وبأن البعض منا جاهل ويتصرف بحسن نية، وهو لا يعلم أنه يهضم حقوق الغير، قد تكون حالات شاذة ولكنها موجودة وإنكارها مع التبرير لأصحابها غير مقنع بكل المقاييس، بعضهم قال إن الرجل يعيش على راتب الضمان الاجتماعي ولديه 11 طفلاً وطفلة، وأوضح في التحقيقات عجزه عن الصرف على أولاده فما بالك بمكفوله؟ ألم يعرف الكفيل عندما أحضر الرجل من بلاده ليعمل لديه كم يبلغ راتبه؟ ألم يحسب دخله ويرى مدى استطاعته دفع راتبه أم لا؟ في الدول المتقدمة كأميركا وفرنسا لا تستطيع استئجار منزل إلا بعد أن تثبت بالأوراق الرسمية كم يبلغ دخلك، حتى يقرروا بعدها هل تستطيع العيش بثلثي دخلك أم لا؟ الأمور هناك لا تسير بالبركة بل بحسابات مدروسة كالتي تطبقها الآن «سمة» التي لا تعجب أحداً! ينبغي أن يعلم الإنسان كم يستطيع أن يدفع وكيف، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحقوق الآخر التي أرى تهاوناً كبيراً فيها بكل أسف، مثل استئجار شقة سكنية أو دفع رواتب سائق أو عاملة منزلية. راسلتني إحدى المعلمات طالبة العون والمساعدة بشكل سريع، مشكلتها هي تأخرها في دفع راتب عاملتين لمدة أربع سنوات، والآن السفارة تطالبها بتسفير العاملتين ودفع رواتبهما المتأخرة بشكل عاجل، وجاءها استدعاء من الشرطة وهي تخشى أن يتم استدعاؤها عن طريق مدرستها وتخشى على (برستيجها) أمام الجميع، قبل أن تختم بالدعاء على العاملتين اللتين طالبتاها برواتبهما! لم أستغرب حقيقة من ردها فأنا أسمعه بشكل يومي من بعض الزميلات وبعض الزملاء والأصدقاء والمعارف، وهذا ينبهني إلى إعادة زرع ثقافة الحقوق في مجتمعنا. أعجبني طفل صغير لا يزيد عمره على 5 سنوات، رأيته في السوبر ماركت يمسك بعلبة فارغة من العصير بكل حرص، ويبدو أن والدته تضايقت من العلبة الفارغة فألقتها في سلة المهملات، فبكى الطفل بكاء مريراً طالباً العودة لأخذ العلبة، لأنه لم يدفع ثمنها، لم توافق الأم وأخبرته بأن العصير له سعر موحد (ما حيكون أكثر من ريال)، فبكى الطفل وفجأة تهللت تقاسيم وجهه عندما حضر والده وأخبره فذهب وأحضر العلبة الفارغة وقبله قبلة طويلة قائلاً: ولدي إبراهيم الشاطر، وذهبا سوياً إلى المحاسب ودفعا ثمن العصير الذي لم يكن سعره كما توقعت الأم بكل بساطة، بل كان ب3 ريالات ونصف الريال. هذا المواطن الشاب الصغير يبدو لي أنه هو وحده من زرع داخل طفله هذه القيمة الجميلة. [email protected] @s_almashhady