لأول مرة يؤكد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على ضرورة توثيق آثار المستوطنات والنشاطات الاستيطانية على حياة الفلسطينيين وأرضهم ومصادرهم الطبيعية. وهذا يقودنا الى اهمية المسعى الى التهيئة لمعارك قانونية ضد المستوطنات وتفكيكها في نهاية المطاف. فبعد النجاح الفلسطيني الجزئي على الصعيد الديبلوماسي والقانوني والمتمثل بالاعتراف بفلسطين عضواً كامل العضوية في اليونسكو، يمكن تحسين الأداء على الصعيد المذكور بالاعتماد على عوامل عديدة في المقدمة منها زيادة الوعي الشعبي في العالم والتعاطف الكبير مع حقوق الفلسطينيين في وقت تفاقمت فيه العنصرية الإسرائيلية. وتبعاً لذلك يمكن للفلسطينيين خوض معركة ديبلوماسية ببعد قانوني ضد الممارسات والسياسات الإسرائيلية المطبقة على الشعب الفلسطيني. وقد يكون من باب أولى العمل في شكل مدروس وممنهج لوقف النشاط الاستيطاني والمستوطنات الإسرائيلية التي تعتبر وفق غالبية دول العالم غير شرعية، ومن ثم العمل لتفكيكها كمعالم احتلالية. وقد تعزز القرارات الدولية التوجه الفلسطيني الجديد حيث نصت القوانين الدولية على حماية حقوق المواطنين في أرضهم الواقعة تحت الاحتلال. فميثاق جنيف المدني لعام 1949 يشير في مادته ال49، الفقرة السادسة، إلى أن «القوة المحتلة لا يجب أن تنقل أو تحول جزءاً من سكانها إلى الأراضي التي احتلتها». وتبعاً لذلك يعتبر النشاط الاستيطاني وعملية مصادرة الأراضي وضمها وبناء المستوطنات الإسرائيلية عليها منافياً للميثاق المذكور، وكذلك لنص المادة ال47 من ميثاق جنيف، فضلاً عن تعارض النشاطات الاستيطانية مع أبسط قواعد القانون الدولي وفي شكل خاص لاتفاقية لاهاي الموقعة في 1907 واللوائح الملحقة بها والتي تؤكد بمجملها ضرورة حماية مصالح الشعب تحت الاحتلال. وفي مواجهة القوانين الدولية اتبعت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ 1967 سياسات محددة للإطباق على الأرض الفلسطينية وشرعنة بناء المستوطنات عليها. فقد استصدرت السلطات الإسرائيلية الأمر العسكري الرقم 10 الصادر في تموز (يوليو) 1967 والذي تمت من خلاله سيطرة إسرائيل في شكل مباشر على أملاك الغائبين؛ ونقصد هنا نازحي 1967؛ واستحدثت حارساً لأملاك الغائبين، وتم منع بيع أو تأجير تلك الأملاك من دون موافقة السلطات والمؤسسات الإسرائيلية وفق القرار الإسرائيلي الرقم 58. وبالنسبة للسيطرة التدريجية على أراضي الضفة منذ 1967، كان الأسلوب المتبع من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ التاريخ المذكور هو مصادرة مزيد من الأراضي لأغراض عسكرية. أما ذرائع إقامة المستوطنات فكانت تتركز حول حجج دينية تارة، واعتبارات تاريخية مزيفة تارة أخرى. لكن الأهم كانت ذريعة الاعتبارات الأمنية والدفاعية؛ وهي ترتبط إلى حد كبير بقدرة المستوطنات على القيام بدور خط الدفاع الأول عن إسرائيل. ويبقى السؤال المطروح: هل سيخوض الفلسطينيون معركتهم الديبلوماسية والقانونية ضد أهم رمز احتلالي يتمثل بالمستوطنات الجاثمة على الأرض الفلسطينية، أم ستبقى شعارات المصالحة والوحدة الوطنية لمواجهة التحديات مجرد رسائل شفوية تتردد بين الفينة والأخرى لكسب الرأي العام الفلسطيني في وقت ازدادت فيه وتيرة النشاط الاستيطاني وترسيخ فكرة يهودية الدولة على الأرض؟ * كاتب فلسطيني