نفاذ تذاكر "كلاسيكو" الاتحاد والنصر    مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يوقع عددًا من مذكرات التفاهم    بسبب المخدرات .. نجوم خلف قضبان السجن!    تشارليز ثيرون تنضم إلى فيلم كريستوفر نولان القادم    «قمة الكويت».. الوحدة والنهضة    مملكة العطاء تكافح الفقر عالمياً    هل يمكن للبشر ترجمة لغة غريبة؟ فهم الذكاء الاصطناعي هو المفتاح    الاتحاد السعودي للملاحة الشراعية يستضيف سباق تحدي اليخوت العالمي    العروبة يتغلّب على الفيحاء بهدف في دوري روشن للمحترفين    قيمة الهلال السوقية ضعف قيمة الأندية العربية المشاركة في المونديال    المغرد الهلالي محمد العبدالله: لا مكان لنيمار والمترو الأفضل وحلمي رئاسة «الزعيم»    هيئة الترفيه وأحداثها الرياضية.. والقوة الناعمة    الرياض يتغلّب على الفتح بثنائية في دوري روشن للمحترفين    اكتشافات النفط والغاز عززت موثوقية إمدادات المملكة لاستقرار الاقتصاد العالمي    السعوديات.. شراكة مجتمعية    مرآة السماء    ذوو الاحتياجات الخاصة    «مبادرات التحول الاقتصادي».. تثري سوق العمل    انطباع نقدي لقصيدة «بعد حيِّي» للشاعرة منى البدراني    عبدالرحمن الربيعي.. الإتقان والأمانة    رواد التلفزيون السعودي.. ذكرى خالدة    روضة الآمال    فصل التوائم.. البداية والمسيرة    «متلازمة الغروب» لدى كبار السن    نائب وزير الموارد البشرية يزور فرع الوزارة والغرفة التجارية بالمدينه المنورة    رسائل «أوريشنيك» الفرط صوتية    وكالة الطاقة الذرية: إيران تخطط لتوسيع تخصيب اليورانيوم بمنشأتي نطنز وفوردو    إنصاف الهيئات الدولية للمسلمين وقاية من الإرهاب    عريس الجخّ    كابوس نيشيمورا !    لولو تعزز حضورها في السعودية وتفتتح هايبرماركت جديداً في الفاخرية بالدمام    "راديو مدل بيست" توسع نطاق بثها وتصل إلى أبها    بالله نحسدك على ايش؟!    «COP16».. رؤية عالمية لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي    الاستدامة المالية    حملة توعوية بجدة عن التهاب المفاصل الفقارية المحوري    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الرئاسة بمنطقة جازان    تكلفة علاج السرطان بالإشعاع في المملكة تصل ل 600 مليون ريال سنويًا    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    الشائعات ضد المملكة    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    أكدت رفضها القاطع للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.. السعودية تدعو لحظر جميع أسلحة الدمار الشامل    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق العامل... قبل ضريبة الدخل
نشر في الحياة يوم 02 - 04 - 2012

تذكرت المثل الشهير الذي يقول «أعلمه الرماية كل يوم ولما اشتد ساعده رماني»، وأنا أقرأ ما نشرته صحف السعودية الأسبوع الماضي طلب اللجنة المالية في مجلس الشورى بدرس فرض ضريبة على الأفراد غير السعوديين العاملين في القطاعين العام والخاص وهذا يعني أن مصدر دخل إضافي لخزينة الدولة، وبحسب معلومات رسمية فإن في السعودية ما يزيد على عشرة ملايين مقيم يعملون في مجالات مختلفة، منهم 80 في المئة من العمالة المهنية غير المتعلمة من سائقين وعمال وعاملات منازل ومستواها المهني متدنٍ، ورواتبها تتراوح ما بين 3 – 6 آلاف ريال، أما النسبة المتبقية فهي التي تتوزع ما بين مستثمرين أجانب وأصحاب مؤسسات وأنشطة تجارية، أو عاملين في قطاعات حكومية ومؤسسات كبرى، وبطريقة حسابية بسيطة نستطيع أن نقول إن الذين سيدفعون ضريبة العمل لن يزيد عددهم على مليوني مقيم، أما العدد المتبقي فسيدخل ضمن ما دون شروط الدفع من هم أقل من ثلاثة آلاف ريال، طبعاً على سبيل المثال، هذا يعني أن مليونين أو ثلاثة ملايين مقيم سوف يدفعون هذه الرسوم، بدخل يقدر أربعة بلايين ريال سنوياً، فهل السعودية بالفعل بحاجة لهذه المبالغ أمام تحويلات تقدر بأكثر من 120 بليون ريال سنوياً، وما القيمة الاقتصادية التي سوف تضاف إلى اقتصادنا غير أنها مصاريف إدارية وموظفون، وفي الأخير عوائد لا تسمن ولا تشبع.
في الدول المتقدمة والمتحضرة، التي لديها قوانين الضرائب ليس فقط على المقيمين، بل حتى تستحصل من المواطنين، هناك حقوق مشروعة من حق الموظف أن يتمتع بها وتُعطى له، وله الحق أن يطالب بها، ومثلما تستقطع نسبة من راتبه شهرياً أو سنوياً، فالموظف يتمتع بحقوق وجهات تحميه في حال تعرض لمشكلة وظيفية أو تعسفية، هنا في السعودية منذ أول يوم من تسلمه التأشيرة يظل المقيم في السعودية يدفع ويدفع ويدفع من دون نهاية، ابتداءً من شرائه للتأشيرة، وهذه لها سوق حرة ومعروف أصحابها، سواء تأشيرات حكومية أو مؤسسات أهلية، المعقب الذي ينهي إجراءات الإقامة يحصل على أتعاب مضاعفة، أو رسوم غير رسوم الجوازات، وبطاقة العمل يدفع مبالغ إضافية، وكل الجهات الحكومية التي يتعامل معها المقيم تستحصل رسمين، رسماً حكومياً ورسم أتعاب، وإذا أراد استقدام زوجته أو أحد معارفه، لابد له أن يدفع، وفي مرات عدة يختفي الشخص الذي استحصل مبلغ إنجاز المهمة في ظروف غامضة.
حينما نتحدث عن دراسة لفرض ضريبة على دخل الأفراد المقيمين، فهذا يعني أنه يجب أن تكون هناك عقود عمل واضحة وموثقة تضمن حقوق الطرفين، في كثير من الدول المؤسسات الكبيرة التي بها أكثر من 100 عامل فيها نقابات عمالية، أو رئيس عمال يعتبر صوت العمال، والوسيط بين الجهة التي يعمل بها والعمال، أو مؤسسات عمالية ترعى حقوقهم من مخالفات المؤسسات والشركات، من فصل تعسفي أو نقل أو مطالبة بزيادة راتب بعد طول سنوات العمل، حينما نتحدث عن فرض ضريبة على الدخل يجب أن نتحدث عن ضرورة نقاء بيئة العمل وتسهيل أداء حقوقه من دون دفع أجور أو رسوم مبالغة لمعقبين أو مخلصين، سهولة استقدام عائلته، تنظم سفره في الإجازة، توقف الإتاوات التي تتحصلها الشركات سنوياً من هذه العمالة.
أنني أرى أن مشروع فرض الضريبة لن يكون ناجحاً ومشجعاً، إذا ما علمنا أن سوق العمل في السعودية ليست مغرية إلى هذا الحد، بل تحول الأمر إلى أكبر سوق لتداول التأشيرات وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية، ويضيع فيها العامل المخلص والمهني الماهر، الحل الوحيد أن يتم تقليص الاستقدام من الخارج بنسب محددة مع فتح التنقلات داخلياً، وهو ما يُعرف بنقل الكفالة، ومن دون رسوم لتسهيل حركة ومرونة العمل، فرض الضريبة لا يتوقف فقط باستقطاع المبلغ، بل هناك شروط وواجبات يجب توفرها للعامل المقيم، فك ارتباط العامل بالكفيل، السماح له بحرية التنقل داخل السعودية من دون قيود، السماح باستقدام زوجته وأسرته وأبنائه، وغيرها من الحقوق العمالية والمهنية، أما أن يكون الهدف فقط تحصيل مبالغ وتحسين دخل خزينة الدولة، فهذا في الواقع لن يضيف شيئاً لاقتصاد البلد، ولا يحل المشكلة مع تكدس العمالة غير المهنية.
أحدهم قال لي إن فرض الضريبة سوف يسمح بخروج الكثير من العمالة من البلد، ويفلتر الجيد من السيء، فقلت له العامل الجيد والمهني لا يرضى أن تهان كرامته تحت رحمة كفيل لا يقدر معنى الإنسانية، ويتودد لموظف في إدارة حكومية من أجل أن يحصل على موافقة لاستقدام زوجته أو أخته، المقيم الشريف يغادر إلى بلاد أخرى متى ما وجد أن لقمة العيش قد ضاقت عليه، بينما العامل والمقيم الذي اعتاد أن يدفع من جيبه هنا وهناك لا تهمه الضريبة، فحياته قائمة على عقود وهمية، ووظيفة وهمية، وأوراق غير واضحة، فلا يهمه أن يدفع مبلغاً زهيداً كضريبة، لأنه يعلم أنه يحصل على أضعاف ما يدفعه.
الحقيقة كنت مسروراً من المعلومات التي أوردتها لجنة الاستثمار الأجنبي في غرفة جدة، يقول مهدي النهاري رئيس اللجنة، إن عدد تراخيص الاستثمار الأجنبي بلغت نحو 7400 ترخيص، منها أكثر من 4000 في جدة وحدها، كما بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي بالمملكة حتى نهاية 2009 أكثر من 552 بليون ريال، ويسهم الاستثمار الأجنبي ب 54 في المئة من إجمالي عائد مصلحة الزكاة والدخل، ووصلت قيمة الضرائب المدفوعة من رؤوس الأموال الأجنبية أكثر من سبعة بلايين ريال سعودي، وحققت المبيعات السنوية للمشاريع التي تحتوي على رؤوس أموال أجنبية 395 بليون ريال، كما وصلت مشترواتها المحلية السنوية إلى 225 بليون ريال، وتشكل نسبة صادرات الاستثمارات الأجنبية والمشتركة إلى إجمالي صادرات المملكة من دون النفط الخام نحو 57 في المئة، وتبلغ نسبة «السعودة» في الاستثمار الأجنبي 27 في المئة، مقابل 9,9 في المئة للمنشآت السعودية، وقد أوجدت الاستثمارات الأجنبية والمختلطة 375 ألف وظيفة، منها 101 ألف وظيفة للسعوديين، على رغم ألا تصل نسبة السجلات التجارية المصدرة لهذه الاستثمارات إلى 1 في المئة من إجمالي السجلات التجارية عامة.
في رأيي الأمر يحتاج على الأقل عشرة أعوام كي تفكر السعودية في تطبيق إجراء كضريبة دخل للعمالة المقيمة، إلى أن تتحسن بيئة سوق العمل، وينتهي أو يُلغى صندوق الموارد البشرية، وتلغى رسوم التأشيرات، وتوضع قوانين وأنظمة قابلة للتطبيق وتسهيلات للعمالة ومرونة في النظام.
* إعلامي وكاتب اقتصادي.
[email protected]
@jbanoon


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.