البصرة، بغداد - «الحياة»، أ ف ب - باشرت القوات البريطانية المتمركزة في البصرة انسحابها أمس، وستنهيه أواخر ايار (مايو) المقبل، أي بعد ست سنوات من احتلال العراق، وخمسين عاما بالضبط من مغادرتها قاعدة الحبانية غرب بغداد. وأقيم احتفال في القاعدة البريطانية في مطار البصرة لإنزال علم البحرية الملكية ورفع علم الفرقة الجبلية العاشرة في الجيش الأميركي التي ستحل مكانها الى حين انسحابها نهاية العام 2011. وبذلك، تضع القوات القتالية البريطانية حداً لانتشار استمر ست سنوات ينتهي بشكل كامل بالتزامن مع الذكرى الخمسين لانسحاب آخر جندي بريطاني من قاعدة الحبانية، غرب بغداد، في ايار (مايو) 1959 بعد احتلال العراق عام 1917. وبدا الاحتفال بعد ظهر أمس في مطار البصرة (550 كلم جنوب بغداد)، حيث يتمركز نحو 4100 عسكري، بحضور كبار الضباط العراقيين ورئيس هيئة اركان القوات البريطانية وقائد قوات التحالف في العراق الجنرال الأميركي راي اوديرنو. ويمثل هؤلاء الجنود من بقي من القوات البريطانية، الحليف الاكبر للقوات الاميركية خلال اجتياح العراق عام 2003. وقال ضابط بريطاني في مستهل الاحتفال: «انها بداية فك الارتباط لقوات التحالف التي كانت بريطانيا شريكا كاملا فيها». واضاف: «حتى لو كانت بداية الانسحاب، ما زال هناك المزيد من العمل وسنواصله حتى مغادرة اخر جندي بريطاني». وحضر الاحتفال من الجانب العراقي الفريق الركن نصير العبادي، معاون رئيس اركان الجيش، بالاضافة الى الفريق الركن علي غيدان، قائد القوات البرية. وقال العبادي: «نشكر البريطانيين على جهودهم في تحويل البصرة الى مكان آمن، وندين لهم بالكثير، لأنهم قدموا شهداء وساعدونا في طرد الارهاب». من جهته، قال اوديرنو: «اشيد بدور البريطانيين وتفانيهم في العمل خلال السنوات الماضية والانجازات التي حققوها من خلال التضحيات». واضاف ان عملية التسليم تؤكد قوة الروابط بين الاميركيين والبريطانيين وسنقف صفا واحدا لمحاربة الاعداء. بدوره، قال الجنرال جاك ستيروب، رئيس هيئة اركان الجيش البريطاني ان «هذا الحدث يمثل بداية جديدة لعصر جديد بانتقال السلطة من البريطانيين الى الاميركيين». واضاف: «علينا ان نتذكر التضحيات والجهود الكبيرة للجنود الذين جاءوا من مكان بعيد لحماية العراق». وتابع: «نشكر العراقيين الذين تحلوا بالشجاعة والثقة ولولا جهودهم لما وصلنا الى هنا اليوم». وكانت بريطانيا في ظل حكم رئيس الوزراء توني بلير، الحليف الأهم للرئيس جورج بوش الذي امر قواته بغزو العراق في آذار (مارس) 2003. ويشكل جنودها ثاني اكبر قوة في التحالف الدولي وبلغ قوامها 46 الفا في آذار (مارس) ونيسان (ابريل) قبل ست سنوات. ولقي 179 عسكرياً من الرجال والنساء حتفهم في هذا البلد. ووقعت بغداد ولندن العام الماضي اتفاقاً للابقاء على 4100 جندي الى حين استكمال مهماتهم التي تتمثل في الدرجة الاولى بتدريب الجيش العراقي قبل انهاء انسحابهم من البلاد اواخر أيار (مايو) المقبل. واقام ضابط كبير في الجيش العراقي في البصرة وليمة في فندق شط العرب لوداع البريطانيين وشكرهم على ما قدموه من دعم في اعقاب اطاحة النظام السابق. وقال اللواء هويدي محمد: «اود ان اشكر الامة البريطانية على المساعدة التي قدمتها لنا للتخلص من الديكتاتورية والعيش في ظل الحرية والديموقراطية». واضاف ان «الجيش والشعب العراقيين سيتذكران تضحيات القوات البريطانية، كما ان مشاعرنا وصلواتنا مع عائلات الجنود الذين فقدوا حياتهم في هذا البلد». والبصرة ثالث مدن العراق ومركزه الاستراتيجي لانتاج النفط وتصديره. وكانت تحت السيطرة البريطانية منذ ربيع العام 2003، لكن السيادة العراقية عادت الى المدينة ومطارها قبل ثلاثة اشهر. وساهمت القوات البريطانية، بالاضافة الى تدريب الجيش، في اعادة احياء القوة البحرية في العراق الذي مزقته الحروب. ويقوم فريق تابع للبحرية الملكية البريطانية بتدريب القوات العراقية في مرفأ ام قصر جنوب البلاد، ومن المتوقع ان يستمر دورها، على رغم عدم ابرام اتفاق جديد بين الحكومتين حتى الآن. وياتي انسحاب القوات البريطانية بعد اعلان الرئيس باراك اوباما انتهاء العمليات القتالية في العراق بحلول 31 اب (اغسطس) 2010 مع بقاء بين 35 الى 50 الف جندي أميركي. وينص الاتفاق الامني المبرم بين بغداد وواشنطن على انسحاب القوات الاميركية من المدن والقصبات بحلول 30 حزيران (يونيو) المقبل، على ان يكون الانسحاب كاملا من العراق نهاية عام 2011.