في الخامس من شباط (فبراير) 1994، أوقف السوريون الشاب الفلسطيني يوسف شعبان، قرب مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. اعتقل يوسف لبضعة أيام في دهاليز وهو معصوب العينين، ثم سلم الى الاجهزة الامنية اللبنانية. بعد حوالى أسبوع من الاعتقال، تم خلاله انتزاع اعترافات يوسف تحت التعذيب. اتصلت الرئاسة اللبنانية بالديوان الملكي الأردني لإبلاغة بان أجهزة الأمن اللبنانية وجدت قاتل السكرتير الأول في السفارة الأردنية في لبنان، نائب عمران المعايطة. أرسلت الحكومة الأردنية فريقاً من استخباراتها للتحقيق مع يوسف شعبان. بعد يومين من التحقيق اكتشف الأردنيون ان اتهام يوسف «تجليطة». لكن هناك من يحب «التجليط»، لذلك رحّل يوسف الى السجن. في الأول من آذار (مارس) 2000، اعتقلت السلطات الأردنية ياسر محمد احمد سلامة أبو شنار، واعترف بالتحضير لعملية الاغتيال وتنفيذها، مبرئاً يوسف شعبان، وقال: «لا دخل له بهذه المسألة، هو لم يكن حتى في المنطقة». نسي الأردنيون أن شاباً مظلوماً يقبع في سجن رومية في لبنان، بحكم ان الفلسطيني في بلاد المواجهة العربية هو ملكية للدولة التي يعيش في مخيماتها. يوم الاثنين الماضي أفاقت العدالة اللبنانية من غفلتها، وأفرجت عن الفلسطيني يوسف شعبان، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في جريمة لم يقترفها، بعفو خاص من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. قصة يوسف شعبان شاهد على الوضع الموجع للإنسان الفلسطيني في لبنان وسورية والأردن. ويوسف شعبان نموذج واحد لآلاف الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيمات أشبه بالمحاجر في دول المواجهة العربية، التي تدعي أنها تناضل من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية، كأن النضال يقتضي الاستهتار بحقوق الإنسان الفلسطيني، وحرمانه من العيش الكريم. هل ستمر قضية يوسف شعبان بلا حساب ولا عقاب؟ نعم ستمر. وعلى يوسف أن يحمد ربه، فهو سجن 15 سنة، وهي فترة بسيطة، فضلاً انه كان يعيش في غرفة تقيه مطر الشتاء وحر الصيف، ويجد لقمة العيش بلا عناء ولا مذلة، في حين ان آلاف الفلسطينيين يعيشون في سجون اسمها مخيمات منذ اكثر من 40 سنة، ويموتون في سبيل معارك النفوذ، ويستجدون لقمة العيش والتعليم والعلاج من المنظمات الدولية. لكن الخوف هو ان يطلب يوسف من السلطات اللبنانية العودة الى سجن رومية لأنه أرحم من العيش في مخيمات اللاجئين البائسة.