لم يحمل البيان الصادر عن اللقاء التشاوري المسيحي - الإسلامي الذي عقد في بكركي أمس بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي لمناسبة عيد البشارة ومرور عام على توليه سدة البطريركية جديداً. فاللقاء الذي شارك فيه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، رئيس المجلس الإسلامي العلوي في لبنان الشيخ أسد عاصي، النائب البطريركي العام للأرمن الكاثوليك المطران جان تيروز ممثلاً البطريرك نرسيس بيدروس التاسع عشر، المطران ألكسي مفرج ممثلاً المطران الياس عودة عن طائفة الروم الأرثوذكس والمطران بولس دحدح عن الطائفة اللاتينية، إضافة إلى أعضاء لجنة الحوار المسيحي- الإسلامي، استهل بالحديث عن الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، إضافة إلى ضرورة الاحتكام إلى المؤسسات الدستورية لمعالجة الخلافات والاعتماد على الجيش لحل القضايا الأمنية وتعزيز الوحدة الوطنية بين جميع اللبنانيين واعتبار الدولة مصدر قوة لكل اللبنانيين. في حين ركز بيانه الختامي على الثوابت الأساسية متجنباً الدخول في تفاصيل المواضيع الخلافية كسلاح «حزب الله» والموقف من الأزمة في سورية. وأشار البيان الختامي إلى أن المجتمعين توقفوا «عند التحولات التي شهدتها المنطقة وأدخلتها مرحلة تاريخية جديدة أدت إلى سقوط أنظمة سياسية عدة»، مؤكدين «حق الشعوب في خياراتها»، وأعربوا عن «خشيتهم مما قد يحصل إذا طال الوقت في البحث عن الطريق السليم لإرساء دولة القانون والعدالة والمساواة في تلك المجتمعات». وأملوا بأن «تتماسك الأسرة العربية بالمحبة والوحدة والتضامن والتنوع أمام تحديات العولمة وما يتهدد المنطقة من مخاطر ومخططات فتستعيد مكانتها ودورها في الأسرة الدولية». وتابع البيان أن المجتمعين توقفوا أمام المشهد السوري، وأعربوا عن «شجبهم للعنف المتمادي وحزنهم الشديد على الضحايا التي تسقط كل يوم»، وقال إنهم «يبتهلون كل يوم إلى الله أن يحفظ أمن سورية ووحدتها وسلامتها ويحقن دماء أبنائها». كما أسفوا «لاستمرار دوامة العنف والتفجيرات المتكررة في العراق»، آملين بأن «يستعيد هذا البلد وحدته الداخلية في تنوعه ويقوم بدوره الحضاري ضمن الأسرتين العربية والدولية». ودانوا «ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ظلم واعتداءات مستمرة على الأرواح والمقدسات والممتلكات»، مطالبين المجتمع الدولي ب «إنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وتطبيق القرارات الدولية، لا سيما حق عودة الفلسطينيين إلى ديارهم». وأكد المجتمعون تحصين الوضع الداخلي اللبناني و «الوحدة الوطنية المبنية على العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين وصونها من أي تأثر للأحداث في المنطقة على خصوصية لبنان»، وشددوا على «خيار اللبنانيين الأساسي في أن يكونوا معاً في كيان ارتضوه وطناً نهائياً مستقلاً موحداً»، كما أسفوا لحال التفسخ السياسي الذي يصيب الساحة الداخلية وأكدوا أن لبنان لا يستطيع مواجهته إلا بالحوار الجاد والمعمق في المسائل الخلافية والتضامن والمسؤولية الوطنية التي هي الأسس الناجعة للوقوف في وجه كل ما يعصف بالوطن. وأعرب المجتمعون عن تأييدهم «التدابير التي تتخذها الدولة في سبيل الحفاظ على أمن المواطن ودعوها إلى المزيد منها، ورأوا أن «الملف الاجتماعي الناتج من الأزمة الاقتصادية التي تنذر بأوخم العواقب يجب أن يلقى الاهتمام اللازم بعيداً من التجاذبات السياسية والمصالحة الضيقة». وأكدوا «متابعة العمل من أجل عقد قمة روحية إسلامية- مسيحية على مستوى العالم العربي لتعزيز العيش المشترك الإسلامي- المسيحي واستلهام تعاليم الدينتين وقيمهما وخبرات التاريخ المشترك». وكان المجتمعون أعربوا في بداية اللقاء عن «أسفهم لوفاة البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية الذي يعتبر من الشخصيات الاستثنائية التي تميزت حياتها بنضال لتعزيز العيش الواحد الإسلامي- المسيحي والالتزام بالقضايا الإنسانية وقضايا الوطن العربي وفي مقدمها القضية الفلسطينية»، كما عزوا سورية بوفاة شيخ العقل في السويداء». وكان الراعي افتتح اللقاء بكلمة شدد فيها على أهمية الحوار لحل كل الخلافات التي من الممكن أن تطرأ نظراً إلى المستجدات على الساحتين الداخلية والإقليمية من أجل وحدة لبنان واللبنانيين. قداس عيد البشارة وكان الراعي ترأس قداس عيد البشارة والذكرى السنوية الاولى لتنصيبه في بكركي بمشاركة البطريرك نصر الله صفير، وأصدر الرسالة العامة الأولى بعنوان «شركة ومحبة»، وأكد أنه «لا يمكن إقصاء أحدٍ من المواطنين أو الاستغناء عنه أو إلغاؤه، أياً يكن دينه وثقافته ورأيه. لبنان بحاجة إلى كلِ طائفة ومذهب وحزب وفرد وجماعة. فهو ينهض بمساهمة الجميع، وبالقيمة المضافة التي يشكِلها الأفراد والجماعات. هذا هو موقفنا وموقف الكنيسة»، شاجباً «الانقسام والاستعداء والخلاف الناتج من الاختلاف في الرأي أو الدين أو الثقافة». ودعا اللبنانيين الى «التعالي عن كلِ ما يفرِق في ما بينهم وعدم التلهي بالصغائر، في زمن ينتظر فيه من لبنان أن يقدم ذاته، على مساحة دول الشرق الأوسط، نموذجاً للعيش المشترك. فيكون السبيل الأول إلى ذلك تحقيق المصالحة المستدامة والوحدة الوطنية بين جميع مكونات الوطن». وبعد حضوره القداس، عقد رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النيابي ميشال عون خلوة مع الراعي. وهنأ عون في تصريح البطريرك «لمناسبة مرور سنة على تسلمه رعيته الكبيرة ورئاسة الكنيسة المارونية». وعن غياب قوى 14 آذار عن القداس، قال عون: «هذا أمر سياسي، انا جئت للتهنئة بالعيد». وأصيب عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي إدغار معلوف بعارض صحي خلال القداس، ونقلت محطة «أو تي في» عن طبيبه أن «وضعه مستقر وهو عارض بسيط في ارتفاع ضغط الدم».