باتت الأزمات الحياتية تطارد المصريين من كل حدب وصوب، لدرجة أن الحكومة الحالية برئاسة كمال الجنزوري باتت عاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها. وبعد أن اعتاد المصريون الانفلات الأمني وغلاء أسعار السلع الغذائية وتواصل ارتفاع معدلات التضخم وأقلموا معيشتهم المتواضعة أصلاً مع هذه القفزات، لاحقتهم الضربات من انتشار الأوبئة بين الماشية وشح للطاقة بكل أنواعها وأخيراً توقف حافلات النقل العمومية. وتسبب انتشار مرض الحمى القلاعية بين الماشية في نفوق أعداد كبيرة منها ما أدى إلى ارتفاع في أسعار اللحوم تبعته ارتفاعات متتالية في أسعار الدواجن والأسماك، في وقت تعاني غالبية المحافظات من شح في أسطوانات الغاز التي تضاعفت أسعارها أكثر من 6 مرات لتقفز من 5 جنيهات إلى أكثر من 30 جنيهاً في المناطق الشعبية، فيما الحكومة «مكتوفة الأيدي» وتلقي باللائمة على التجار في هذا الصدد من دون السعي إلى السيطرة على الأسواق من خلال رقابة صارمة طالما فرضت على السلع المدعمة من الدولة. وتؤرق «أزمة البنزين» المصريين هذه الأيام، إذ بات تأمين وقود للسيارات هماً يومياً في ظل شح البنزين. وبات تراص السيارات في طوابير طويلة تصل لبضعة كيلومترات أمام محطات الوقود في انتظار اقتناص فرصة لتموين السيارة أمراً معتاداً، ما سبب ازدحاماً غير عادي في شوارع القاهرة، فلم يعد غريباً أن تتوقف سيارات أعلى الجسور وعلى محاور رئيسة تربط طرقاً سريعة بسبب نفاد الوقود. وارتفعت تعريفة حافلات النقل الخاصة بنسب كبيرة، لأنها لم تعد تعمل بكامل طاقتها، إذ يقتضي العمل التوقف لساعات أمام محطات الوقود لتعبئة خزان الوقود. وزاد من تفاقم الأزمة إضراب سائقي حافلات النقل العام بسبب عدم تنفيذ مطالب تتعلق برفع الرواتب والحوافز، ما سبب شللاً في حركة النقل في العاصمة استدعى تدخل المجلس العسكري الذي دفع بأسطول من حافلات جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة، في محاولة لحل مشكلة النقل. وانتشرت أمس في ميادين القاهرة حافلات تابعة للجيش يقودها جنود في القوات المسلحة ويأمن كل منها جندي في الشرطة العسكرية لنقل الركاب على نفس خطوط هيئة النقل العام. وتعتزم القوات المسلحة زيادة عدد الحافلات في حال استمر إضراب السائقين. وأحرجت هذه الأزمات التي تمس عصب الحياة اليومية للمواطنين حكومة الجنزوري، فزاد الهجوم عليها خصوصاً بعد استمرار هذه المشاكل لفترات طويلة من دون إيجاد سبيل لحلها، كما تواجه جماعة «الإخوان المسلمين» حرجاً مماثلاً، إذ أنها تتمتع بالغالبية النيابية، وكان مرجواً من نوابها الضغط على الحكومة لحل هذه المشاكل. غير أن الجماعة دأبت على الدفاع عن نفسها مراراً وتكراراً عبر المطالبة بتكليفها تشكيل حكومة كي تتمكن من السيطرة على السلطة التنفيذية بما يمكنها من حل هذه الأزمات.