عندما أقمتُ في واشنطن في الثمانينات ثارت ضجة موضوعها التأمين على قيادة السيارة، وفوجئت في حينه أن أقرأ أن التأمين على النساء اللواتي يقدن السيارات أقل منه على الرجال لأن النساء يتسببن في حوادث أقل كثيراً من الرجال. كانت النساء وما زلن يطالبن بالمساواة لذلك قام من الرجال من يطالب بالمساواة مع النساء في تأمين قيادة السيارات، وأصرت شركات التأمين على أن الفارق يعكس واقعاً هو أن النساء أفضل من الرجال في قيادة السيارات، في جميع مراحل العمر من المراهقة وحتى الشيخوخة، كما تُظهر أرقام الحوادث دائماً. لم أعد أذكر كيف انتهت الضجة الأميركية، إلا أنها عادت إليّ قبل أيام وأنا أقرأ أن قضاة الاتحاد الأوروبي قرروا أن النساء لا يحق لهن أن يدفعن مبلغاً أقل للتأمين على قيادة السيارة من الرجال حتى لو كن يتسببن في حوادث أقل. إذا لم تجد النساء الأوروبيات وسيلة لنقض القرار، فهو سينفذ اعتباراً من 21 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، وسيعني أن يزيد ما تدفع المرأة للتأمين حوالى 25 يورو في الشهر، أو حوالى 300 يورو في السنة. وكما في الولاياتالمتحدة قبل 30 سنة، فقد فهمت أن قرار القضاة جاء بعد أن رفعت جماعة تدافع عن حقوق المستهلكين في بلجيكا قضية ضد التمييز في التأمين على قيادة السيارات بين الرجال والنساء. أعِدُ النساء السعوديات بأن أحمل معي كل ما أجد من مادة عن الموضوع إلى ولي العهد الأمير نايف بن عبدالعزيز، فهو صديق لي معه جلسات طوال آخر الليل (إسألوه)، وسأحاول أن أقنعه بجدوى أن تقود المرأة السعودية السيارة، فهي حتماً ستتسبب في حوادث أقل من الرجال السعوديين الذين أعتبر قيادتهم السيارات وسيلة أخرى لتحديد النسل، وكل منهم يجلس وراء المقود ويعتبر نفسه فانجيو أو شوماكر. ثم إن قيادة المرأة السعودية السيارة ستريحها وأسرتها من الوجود داخل السيارة مع رجل أجنبي يقود سيارتها وهي أمهر منه وأكثر حذراً وأقل حوادث. أبقى مع النساء لأنهن أجمل، فقد قرأت للزميلة الأردنية الخفيفة الدم جداً هند خليفات مقالاً ظريفاً عنوانه «ثورة شفتي اليسا» جاء فيه أن «بربيش» السيلكون كان ظاهراً في شفة المغنية المشهورة وهي تشارك في البرنامج التلفزيوني «آراب ايدل.» وتسخر هند من اهتمام الإعلام العربي بالموضوع وتقديمه على أخبار مهمة فعلاً. أحكي للقراء قصة تجمع بين الجمال والغرام والشعر، فقد كان الشاعر اللبناني المشهور أمين نخلة يعشق، من بعيد لبعيد، حسناء سورية صارخة الجمال أوحت إليه أن يقول: أنا لا أصدق أن هذا الأحمر المشقوق فمْ بل وردة مبتلّة حمراء من لحم ودمْ أكمامها شفتان خذ روحي وعللني بشمْ إن الشفاه أحبّها، كم مرة قالت نعمْ بحسب معلوماتي الحسناء السورية لم تقل لأمين نعم يوماً، إلا أنه كان معجباً كثيراً بالبيتين الأولَين من قصيدته وبقيَ يرددهما للحلاق، وهو في مقعده لحلاقة ذقنه، ويصر عليه أن يتذوق المبنى والمعنى، حتى ضاق الحلاق به ذرعاً فشَهَر الموسى وقال له إنه إذا عاد وأسمعه البيتين فسيذبحه. ومن لم يمت في حادث سيارة، مات بسيف أو موسى الحلاق، وتعددت الأسباب والموت واحد. غير أنني بدأت بالسيارات وأختتم بها، فقد واجهتُ مشكلة مع أول سيارة اشتريتها، وكانت مستعملة جداً، واكتشفت بسرعة أن السيارة لا تمشي والأقساط الشهرية لا تتوقف. وعندي حلول إن سُمِحَ للسعوديات بقيادة السيارات، فبَدل أن تعلمهن الحكومة خفض سرعة السيارة تُعلّم المشاة الركض وهو رياضة وصحة. وإذا لم ينجح هذا الأسلوب، فهناك آخر مضمون النتائج لتحقيق السلامة العامة هو أن تبلَّغ كل سائقة أنها إذا عملت حادثاً فستنشر الصحف عمرها. [email protected]