أطلق «عبد الحميد أبو زيد» قائد فرع الصحراء في تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، الرهينة السويسري فرنر غرينر الذي خُطف في 22 كانون الثاني (يناير) الماضي في عمق أراضي النيجر. ولم يكشف أي طرف تفاصيل الصفقة المبرمة لإطلاق الرهينة، إلا أن الإفراج تزامن مع وجود أمني مكثف لوفود أميركية وأوروبية في مالي، تجسيداً لاتفاقات توصلت اليها لجان مشتركة شُكلت قبل أشهر في مرسيليا (فرنسا). وأعلنت وزارة الخارجية السويسرية أن المواطن السويسري يخضع الى فحوص وسينقل الى سويسرا للتعافي من محنته خلال الأشهر الستة الماضية. وذكرت مصادر مطلعة أن الإفراج تم ليل أول من أمس في منطقة صحراوية قرب الحدود مع الجزائر والنيجر. وقالت مصادر أمنية جزائرية ل «الحياة» إن قوات جوية أقلعت في مهام للتغطية مع قوات مالية لمتابعة عناصر التنظيم التي كانت تحتجز الرهينة السويسري. ولم تقل السلطات السويسرية أو المالية، إن كان وراء الإفراج صفقة (فدية). كما لم تعلن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» من جهتها الإفراج أو أية شروط وراءه. لكن مراقبين لا يستبعدون لجوء الحكومة السويسرية إلى وساطات قبلية في المنطقة لتلبية مطالب مفترضة من «أبو زيد»، ولا سيما أن التنظيم لم يتردد في إعدام رهينة سابق من جنسية بريطانية لما لم تستجب حكومة غوردون براون لمطالب الإفراج عن «أبو قتادة». وكشفت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن قيمة الصفقة تتعدى مبلغ ثلاثة ملايين أورو، جرى تحويلها الى حساب مصرفي في دولة أوروبية، وتسلمها ناشط سلفي في دولة إفريقية جنوب مالي. وأفيد بأن الأموال نُقلت بعدها براً نحو الحدود المالية مع النيجر قبل حوالى أسبوع من عملية الإفراج أمس. وتسلمت السلطات الرهينة فرنر غرينر بعد اطلاقه في الشمال الصحراوي لمالي، في غاو، وهي إحدى المدن الثلاث في المنطقة، إضافة إلى تمبكتو وكيدال. ويشاع أن الأمير السابق للمنطقة الصحراوية مختار بلمختار يعيش في غاو حيث يقيم أصهاره أيضاً. من جهة أخرى، حلت وفود أمنية أميركية وأوروبية في مالي، ومن المرتقب أن تتوجه شمالاً حيث مناطق نفوذ التنظيم (الساحل الصحراوي)، في إطار ما عرف بلجنة الارتباط بين أجهزة الأمن والاستخبارات المغاربية والأوروبية التي اتفقت في مرسيليا، على تكثيف تبادل المعلومات من دون أي تدخل عسكري مباشر،إذ لم يعد ممكناً إلا بإذن من قيادة أجهزة الأمن. وتشير المصادر ذاتها الى أن الوجود الأوروبي والأميركي، سيكلف مراجعة حاجات مالي من العتاد العسكري لملاحقة «القاعدة»، وكُلف الموفدون العسكريون إعداد دراسة ميدانية عن حاجات جيوش دول الساحل. ومن المتوقع أن يزور مسؤولون عسكريون النيجر في سياق متابعة التنظيم الذي بات ينشط عبر كتيبتين ميدانيتين إحداهما تتحرك في محور لعريشة الشقة والشباشب على الحدود الموريتانية المالية، ويعتقد أنها المسؤولة عن قتل الرهينة الأميركي بعدما فشلت في خطفه في عاصمة موريتانيا. أما الثانية فهي كتيبة طارق بن زياد التي يقودها أبو زيد «السوفي»، فتتحرك عبر وادي زوراك على الحدود بين مالي والنيجر. وتشير تقارير ميدانية إلى أن كتيبة طارق بن زيد فرّت إلى منطقة البدعة في شمال النيجر موقتاً لتجنب الضغط العسكري الموجود في شمال مالي.