أكثرية الإسرائيليين ترفض إعادة هضبة الجولان الى سورية، بحسب ما أعلن مستشار الأمن القومي عوزي أراد. وأكثرية الإسرائيليين كانت عبّرت، بكلمات رئيس وزرائها المنتخب ديموقراطيا بنيامين نتانياهو، عن رفضها حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وتقسيم القدس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية التي يجب أن تعترف، قبل قيامها، بأن إسرائيل دولة يهودية، وأن تظل بعد القيام، منزوعة السلاح ومعدومة السيادة. الفلسطينيون منقسمون. الذين منحوا، من بينهم، حركة «حماس» أكثرية كبيرة في انتخابات المجلس التشريعي قبل أكثر من ثلاث سنوات يؤيدون استمرار المقاومة المسلحة ضد الاحتلال. أما مسؤولو السلطة الوطنية فقد بلغ اليأس بهم جراء انهيار التسوية وتصاعد الاستيطان الإسرائيلي، حد إطلاق التهديدات بالعودة الى الكفاح المسلح، مرة كل بضعة اشهر. ناهيك عن تجذر وعي ثأري عملت الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين على جعله عابراً للانقسامات السياسية الفلسطينية. السوريون يعلنون وفاة عملية السلام دورياً من دون ان يقوموا بدفنها، واللبنانيون تشغلهم مراقبة ما يعتبرونه استعدادات إسرائيلية لاستئناف العدوان عليهم سواء لإنهاء ما يراه الإسرائيليون «حالة شاذة» في جنوب لبنان او كجزء من الصراع مع إيران في شأن برنامجها النووي. اللازمة التي لا يتعب من تكرارها الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد، المُجَددة ولايته برصاص الباسيج والحرس الثوري وهراواتهم، هي «إزالة إسرائيل عن خريطة العالم» الى جانب تنويعات على مواضيع إنكار المحرقة و «إنزال الضربات الساحقة» هنا وهناك، وتلميحات تثير قلقاً في الخليج. على هذه الخلفية التي يظهر فيها توافق الممسكين بالسلطات مع شعوب بلدانهم و «جماهيرها» على إمكان الاستمرار في الحالة القائمة اليوم الى ما لا نهاية، يبرز السؤال عن الجهة التي تريد إحلال السلام في الشرق الأوسط وعن الفوائد التي تجعل منه ضرورة لشعوب المنطقة هذه. ويعجب المرء، والحال على ما تقدم، من الإطناب في الحديث عن إحياء العملية السلمية وعن الجهود التي يبذلها موفودون ومبعوثون دوليون، ما يوحي أن عائدات السلام في المنطقة تصب خارج الشرق الأوسط، طالما أن «معسكر السلام» هنا هو، على ما نرى، في ضعف وهزال. الذكرى الثالثة للحرب الإسرائيلية على لبنان هي الدافع الى النظر في أحوال الجانحين الى السلم. كل ما يُكتب وينشر في المناسبة هذه يذهب الى استخلاص الدروس والعبر العسكرية، بمستوياتها الاستراتيجية والتكتيكية. ليس من يبحث، لا في الجانب الإسرائيلي ولا اللبناني والعربي، في الاستفادة من تجربة الحرب لمنع تكرارها، فهذا ترف لا مكان له في المناخ الحربي الحالي الذي عاد الى تشاؤمه الأصلي بعد سحابة من تفاؤل (غير مبرر؟) أطلقها وصول باراك اوباما الى البيت الأبيض ثم خطابه في جامعة القاهرة. والسلام، كما الحرب، كما حالة اللاحرب واللاسلم الشهيرة، أوضاع ينبغي ان تنطوي على مصالح واضحة لشعوب المنطقة، لتختار أياً منها. فموازين القوى العسكرية والسياسية ليست صاحبة الكلمة الأخيرة في مجال الحروب والصراعات المديدة على غرار الدائرة ههنا. غني عن البيان ان العدد الكبير من القتلى المدنيين في حرب تموز (يوليو) 2006 والدمار الخرافي في أنحاء عدة من لبنان، ليس برادع لمن لا يرى مصالحه سوى في التحضير لحروب مقبلة، قد تقع وقد لا تقع، لكنها لا تني تشكل وعينا وتعيد تشكيله وتفرض نفسها شريكاً دائماً على مستقبلنا.