وصفت مشرفة في كلية الآداب بجامعة الملك خالد، بحسب ما نشرته صحيفة «الشرق»، ما حدث من احتجاج الطالبات بأنه «لم يكن مقبولاً، من فتيات قدِمن للتعلم، وإنما من طالبات غالبهن يحتجن إلى تحسين في السلوك»، على حد وصفها. وأضافت: «لهن الحق فيما يطالبن به ولكن بالطريقة المثلى»، ثم قالت وهذا الأهم «وإن ما يطلبنه خارج قدرة إدارة الكلية». الحقيقة أن هذا هو بالضبط مربط الفرس، والذي تسبب في المشكلة التي حدثت أخيراً في جامعة الملك خالد بأبها، وتتخلص في أن لك الحق أن تشتكي كي نقول لك «ما باليد حيلة». الطالبات الحائرات وجدن وضعاً مزرياً في بيئتهن التي يدرسن فيها، وعرفن أن معالجتها خارج إدارة الكلية لكنهن أيضاً وجدن أن احتجاجهن وصف بأنه قلة أدب وانحرافٌ في السلوك، كما وجدت المسؤولات في الكلية أن احتجاج طالبات الكلية كان لا بد أن يعامل خارج إطاره التربوي التعليمي العالي، ولا بد أن يُحبط بالعصي التي نفت هيئة الأمر بالمعروف أنها استعملتها، بينما أكدت الفتيات عكس ذلك. التصريحات ستبقيك حائراً، وتتسع الحيرة حين دخلت هيئة الأمر بالمعروف على الخط، فهي - كعادتها - كلما تكرمت علينا بتصريح تضعنا بين عبارتين متناقضتين، فهي تقول إن مجيئها إلى موقع الحدث هو الذي أحضر معه السكينة والهدوء، ومرة تقول إنها جاءت بعد أن ذهب جميع الطالبات إلى منازلهن وربما كان هذا سبب السكينة والهدوء. كان في الإمكان أن تظل الحيرة مطبقة على الخبر بلا ضوء فيها ولا نور فهذا ينفي وهذا يؤكد، لكن الحيرة تنتهي حين تعرف أنك دخلت عصر «يوتيوب» وعصر الصورة، فمقطع الفيديو الذي نشره موقع العربية يبين لك حال كلية البنات في جامعة الملك خالد، وقد صورته إحدى الطالبات بل وسيجعلك تحسم أمرك بأن احتجاج الطالبات على مثل هذه الأوضاع لا علاقة له بقلة الأدب لأن النظافة من الإيمان والمروحة المكسورة المهملة على الأرض من عمل الشيطان ودورة المياه الوحيدة الطافحة بصرفها الصحي وقاعات الدراسة تستحق الإحسان. الحيرة ليست فقط حول وضع الجامعة وهي واحدة من الجامعات الكبرى، وتتكلف موازنة باهظة وليست في معالجة الاحتجاج لأنه انتهى، وتهرب الجميع من مسؤولية العنف فيه بل وهو المهم هو تحديد حجم المسؤولية وعلى من تقع، فالمطلوب من كل مواطن طالباً كان أم موظفاً أم عاطلاً عن العمل أن يلجأ إلى الأساليب الروتينية لتقديم شكواه لكن ها هي المشرفة تقول حتى والمشكلة قد وقعت «والله الموضوع ليس في يدي». اكتب عشرات الاحتجاجات وسيقول لك المسؤولون إن الموضوع ليس في يدي، إذاً ما الذي في يد المسؤول؟ وما الذي تفعله يده غير أنه يمدها آخر الشهر ليقبض راتبه؟! دورات المياه التي ترشح بمياهها المتسخة، وعدم توافر كراسي للطالبات ونفايات منتشرة لأيام في الطريق تفوح رائحتها بالعفن والطالبات يجلسن على الأرض في قاعات الجامعة أو يشترين كراسي من جيوبهن لا تقل قيمتها عن 100 ريال وبمواصفات محددة من الجامعة، ثم إذا احتجّت الطالبات ترفع المسؤولية يدها وتتصل بهاتفها لتحضر يداً أخرى تؤدبهن. أظن أن تحديد المسؤولية أمر يجب أن يسبق الحدث حتى يعرف المواطن والمواطنة ما عمل المديرين والمشرفين الذين يجلسون على مكاتبهم حتى تقع المشكلة، وإن كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد أبطل حد السرقة في عام الرمادة الذي كان عام جوع، فلأنه ليس من العدل أن تعاقب إنساناً طالما عجزت عن تأمين رزقه الآمن، ولأن الإنسان يصبح فوق اللوم حين تحرجه فتخرجه. ولو قال لمن داس على قدمه «أوووف» لن يصفه أحد بأنه قليل أدب. [email protected] @badryahalbeshr