أقرأ بين الفينة والأخرى ما يكتب عن العمالة لدينا، ولا شك أن العمالة السائبة ملأت المدن والمحافظات والمراكز، بل تجاوزوا ذلك إلى الأودية والشعاب والجبال. إذا كانت الجهات الحكومية المختصة غير قادرة على إيقاف توافد هذه العمالة لسبب أو لآخر، فلا أقل من متابعة نشاطاتهم ووضعها تحت المجهر. وحقيقة أعجبتني تلك الحملات المفاجئة التي بادرت إليها الجهات الأمنية في مدينة بريدة خلال العام الماضي، وقامت خلالها بدهم مواقع تلك العمالة ومقار سكنهم ومحالهم التجارية، واتضح خلالها وجود الكثير من الجرائم وأوكار الرذيلة، إلا أنه ولله الحمد والمنة نال هؤلاء جزاءهم الرادع بعد القبض عليهم. أتمنى كما غيري استمرار هذه الحملات، على أن تكون في شكل مفاجئ، خصوصاً أنها أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها أقصر الطرق لكشف الكثير من الأخطار التي تهدد تماسك الدولة والمجتمع وتسعى إلى نشر الفساد بأنواعه في ربوع هذه البلاد المباركة. ما سلف لا يعني عدم الالتفات إلى المشكلة الحقيقية، فالمتمعن يرى أن المحال الوهمية، أو ظاهرة التستر هي في الغالب السبب الحقيقي لتوافد العمالة، فالكثير من المحال التجارية هي بأسماء أشخاص سعوديين، ولكن من يعقد الصفقات ويشتري ويبيع ويجني الأرباح هو العامل، الذي يعطي كفيله السعودي الفتات، الأمر الذي أدى إلى وجود تحويلات تصل أحياناً إلى ملايين الريالات من بعض هذه العمالة، باختصار هي عمالة وافدة استفادت من وجودها في البلاد وأخذت خيراتها ولكنها لم تقدم للمجتمع أية فائدة، وهذا يدعونا إلى مطالبة بعض الجهات الحكومية أن تحذو حذو الجهات الأمنية في الاهتمام بهذا الملف الشائك.