هافانا - أ ف ب (خدمة دنيا) - من فيدل كاسترو وجاك نيكولسون إلى وينستون تشرشل وغروتشو ماركس وآرنولد شوارزنيغر... جميعهم مروا بين يدي الكوبي خانيو نونيث الذي نحتهم في أشهر مادة أولية ينتجها مسقط رأسه وهي أوراق التبغ، مستخدماً أجود أنواعها خصوصاً التي تزرع في منطقة فويلتا اباخو في غرب كوبا، والتي تنتج فيها أعرق ماركات السيجار في العالم من كوهيبا إلى روميو أي جولياتيا، وهي كلها معروضة في مهرجان هافانا لهذه السنة، وهو الملتقى الكبير لمتذوقي السيجار الذي افتتح مطلع الأسبوع في العاصمة الكوبية. احتاج خانيو نونيث الأربعيني إلى اشهر من العمل لإنجاز هذه المنحوتات بالحجم الطبيعي. فهنا وينستون تشرشل يقف بمعطفه الواقي من المطر وقبعته، وهناك جاك نيكولسون الغارق في مقعد مريح مسترسلاً في الضحك، وكذلك شوارزنيغر بلباس تيرمينايتور العسكري والجزمة الضخمة. وكاد هذا الهوس بالتبغ يستحيل مرضاً نفسياً. ويوضح خانيو: «كنت أرى أصدقائي على شكل أوراق تبغ. كانوا يرتدون أوراق تبغ. كنت أحلم بالتبغ حتى اضطررت لاستشارة طبيب نفسي». كان يومها «تورسيدور»، أي لفاف سيجار في فندق كبير في فاراديرو المجمع السياحي الكبير في كوبا على مسافة 150 كيلومتراً شرق هافانا. «وذات ليلة وفي ما يشبه العلاج، بدأت بلف الأشكال والأشياء وأصنعها من التبغ الخام. القطعة الأولى الفعلية كانت رأس الهندي الذي يزين سيجار ماركة كوهيبا». وأمضى خانيو العنيد المثابر ثلاثة أسابيع من العمل من اجل لقاء مدير شركة «هابانوس أس إي» العامة التي تحتكر إنتاج السيجار الكوبي حتى يعرض عليه عمله، وقال له عندما نجح أخيراً في الوصول إليه: «قل لي ما قيمة هذا العمل. إذا قلت لي إنه فاشل تماماً سأدمره فوراً». إلا أن الفكرة أعجبت المدير الذي اصدر تعليمات بعرض أعمال خانيو في إطار معرض هافانا العام 1998 ومن ثم مهرجان هافانا في السنة التالية. ومنذ ذلك الحين تمكن خانيو من أن يطلق العنان لهوسه بالتبغ. فباشر مجموعته من «مشاهير المدخنين» التي ضمت تشي غيفارا وتشارلي تشابلن ولوتشيانو بافاروتي وكومباي سيغوندو وأشهر مزارعي التبع الكوبي اليخاندرو روباينا الذي توفي العام 2010. لكن الأحجام الصغيرة لم تعد تشفي غليله. وفي العام 2000 أنجز أول عمل له بالحجم الطبيعي وكان لتشرتشل، ما دفع سيليا سانديس حفيدة رئيس الوزراء البريطاني الراحل إلى المجيء خصيصاً إلى كوبا. وعمل تشرتشل الذي يضع سيجاراً في فمه معروض الآن لدى جامع إيطالي يقيم في فنزويلا. أما جاك نيكولسون وآرنولد شوارزنيغر فقد اختفيا. ويوضح خانيو: «خلال معرض في جمهورية الدومينيكان اضطررت إلى مغادرة المكان تاركاً إياهما ورائي ولم استطع أبداً استعادتهما». يعمل نونيث منذ العام 2011 في محترف ريفي في غوانابو يبعد نصف ساعة بالسيارة عن هافانا ويقع على شاطئ البحر. وهو ينجز قطعاً صغيرة حرفية موجهة إلى السياح والفضوليين وأخرى طموحة أكثر.