خيّب الروائي السعودي عبده خال مسعى جمعية الصحافيين السودانيين في السعودية، إذ اعتذر عن عدم المشاركة في ندوة قصدت من ورائها الجمعية إحياء ذكرى الروائي الراحل الطيب صالح، مساء الخميس الماضي في قاعة المحاضرات الرئيسية في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في الرياض، وسط حضور سوداني كبير مع بعض الإعلاميين. وعلى رغم أن البداية كانت تشي بندوة مكررة عن صاحب «موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» و«المنسي» و«دومة ود حامد» و«مريود» إلا أن ما أحياها كان الأداء المسرحي الهائل والجهوري، الذي شدّ الحضور لأكثر من نصف الساعة لعضو الجمعية الدكتورة شيراز عبدالحي لمعالجة درامية لمقطع من رواية «موسم الهجرة إلى الشمال» عن شخصية حسنا بنت محمود، وكذلك شخصية مصطفى سعيد، كتبتها الدكتورة تماضر شيخ الدين. وفي ظل عدم حضور أي روائي أو مثقف سعودي للندوة المهمة، جاءت مداخلات الحضور، التي خصص لها وقت قصير، أغنى بكثير مما قدمه متحدثو الندوة الرئيسيين، التي أدارها باقتدار الشاعر محمد مدني. بداية وصف رئيس الجمعية حسين حسن، الطيب صالح بأنه سفارة بكاملها ورمز من رموز الأدب العربي، وتحدث الشاعر عبدالله السمطي عن مكانة رواياته التي وضعت الثقافة السودانية في قلب الحدث الثقافي العربي. وقال الروائي السوداني محمد جميل، الفائز بجائزة الطيب صالح في الرواية، إن صالح ثابت من ثوابت الحياة السودانية ومن كبار كتاب العرب والأفارقة والعالم الثالث، كما قدمت روايته «موسم الهجرة إلى الشمال»، ذات المجال القابل للتأويل والتأمل كل مرة، تأسيساً لكتابة سردية وفق مستويات متعددة من الحنين والانشطار بين الواقع والرغبات وعدداً من الرموز والصراعات، معتبراً إياها رؤية متقدمة لصراع الحضارات على الجانب الفني، كون الطيب صالح كتبها للمواءمة بين عالمين متباينين: عالم يعيشه في الغرب وآخر في وجدانه. وقدّم الصحافي السوداني مصطفى يوسف تناولاً مختلفاً عن صالح، من حيث أنه صاحب مشروع فكري وسياسي آمن بحتمية الالتقاء بين الشرق والغرب وفق ظروف وضوابط محددة، وهو ما يعرف بالعولمة اليوم عبر تنامي شخصياته ذاتها في رواياته المتعددة. واعتبر يوسف أن رواية «عرس الزين» ذات البعد الاجتماعي من أقوى روايات صالح، لأنها تحمل في طياتها بعداً بؤرياً لسودان للجميع. يذكر أن الندوة تأتي تدشيناً لفعاليات الموسم الثقافي الرابع للجمعية، الذي أشار رئيس الجمعية إلى أنه سيكون حافلاً بالكثير من الندوات الثقافية والفكرية الشهرية، باستضافة عدد من الرموز الثقافية والأدبية من الكتاب والمبدعين السودانيين والسعوديين والعرب. ...«الجوبة» تفرد له ملفاً خاصاً وزع على هامش الندوة العدد الجديد من مجلة «الجوبة»، التي تصدرها مؤسسة الأمير عبدالرحمن السديري الخيرية في منطقة الجوف، وحوى العدد ملفاً خاصاً عن الراحل الكبير الطيب صالح، أعده مدير الشؤون الثقافية في جمعية الصحافيين السودانيين الروائي محمد جميل أحمد، بعنوان «سرد من أفق آخر»، بمناسبة رحيله، وشارك في الملف الكاتب خالد ربيع السيد في منادمة في الحكي عنه ومعه، والقاص ظافر الجبيري في «ألوان من الصراع»، والكاتب السوداني مأمون التلب حول أطياف مصطفى سعيد: الحياة في مقلب آخر. إضافة إلى الملف احتوى العدد على دراسة عن التعايش والاندماج بين الشاعر والقارئ، ومواجهات مع ثريا العريض وعبدالرحمن الدرعان، وقراءات ومشاركات إبداعية في الشعر والقصة والرواية.