أكدت الروائية والإعلامية سمر المقرن أن المرأة السعودية تعاني كثيراً من الظلم، مشيرةً إلى أنها لو بقيت تكتب مائة عام لن تكشف ربع معاناتها. وأوضحت في حوار مع «الحياة» أن هناك جرأة محمودة وهي التي تقوم على كشف بعض الأمور التي تضيف للقارئ، إلى جانب أن هناك جرأة مذمومة وفجة، لا تهدف إلّا إلى الإثارة، وإثارة اشمئزاز القارئ. إلى نص الحوار. نجحت، في رأي البعض، في تسويق روايتك وإيصالها إلى القراء، هل كانت المهمة شاقة، أم أن القراء يتطلعون إلى ما يلامس قضاياهم في شكل مباشر؟ - «نساء المنكر»، هي من سوقت نفسها، وفور ظهورها وصلت إلى القراء بدليل حصولها على أعلى المبيعات، سواء في معرض بيروت العام الماضي، أو في مكتبة النيل والفرات إذ بقيت لمدة عام كامل من أعلى مبيعاتهم، إضافة إلى بعض الإحصاءات الأخرى التي نشرتها مكتبات بيروت وباريس. أيضاً يجب التنبيه على نقطة مهمة، وهي أنه عند صدور الرواية كان الجميع يعرف مؤلفتها، فهي لم تصدر من اسم مستعار أو من شخصية مجهولة، فقبل صدورها بسنوات وأنا معروفة للناس ولي أعمالي التي تتحدث عني. دفعتك الرواية إلى تلبية العديد من الدعوات خليجياً وعربياً، ووفرت لك مناسبة للحديث عن قضية المرأة السعودية ومشكلاتها، كيف كان الانطباع من هؤلاء المهتمين العرب؟ - أول لقاء كان بعد ظهور روايتي بحوالى شهرين في دار المدى في بيروت، كان هناك كبار المثقفين الذين استقبلوني بكل تواضع مثل: عباس بيضون وفاطمة المحسن وأحمد الزين وميرال الطحاوي وسمر يزبك وغيرهم. في الحقيقة هذا اللقاء الأول أو المواجهة الأولى لي بمثل هؤلاء العمالقة بعد صدور روايتي، اكتشفت في ذلك اللقاء تواضع المثقف «الحقيقي»، ورؤيته بجدية للتجربة الإبداعية، واهتمامه بالكاتب الروائي الجديد من دون تقليل من حجمه. بعد ذلك اللقاء توالت لقاءات عدة في بيروت وأبوظبي وقطر والكويت، كان الغالبية ينظرون إلى المرأة السعودية نظرة إكبار وإعجاب، لأنها استطاعت الخروج من القمقم الذي بقيت فيه لسنوات طويلة. القراء يتطلعون إلى صوغ روائي مختلف في روايتك الجديدة، أي أن تحمل رؤية روائية تعكسها تقنيات سردية وجمالية، وليس فقط موضوع ساخن، ماذا تقولين؟ - أعتقد أني قدمت نمطاً جديداً في الكتابة الروائية، وهذا الكلام قاله بعض النقاد عن روايتي. في برنامج بُث أخيراً، شنت عليك الروائية الكويتية ليلى العثمان هجوماً، ووصفت روايتك وعدد من الروايات بالسخيفة، وتعمد الإثارة... ما تعليقك عليها؟ - حصل هذا في المحاضرة التي ألقيتها في رابطة الأدباء في الكويت، لكن ليلى العثمان لم تشن هجوماً عليّ، أبداً ما حصل كان عكس ذلك، هي معجبة جداً بتجربتي، وقبل المحاضرة بأشهر، بعد أن قرأت روايتي، اتصلت بي هاتفياً واثنت عليها ووجهتني لبعض النقاط التي ينبغي أن أتداركها في أعمالي المقبلة، كان هجومها تحديداً على الروايات الجنسية السعودية، وأعطت مثالاً على ذلك رواية «الآخرون»، وقد اختلفت معها في رؤيتها، فأنا لا أصنف هذه الرواية من ضمن الروايات الجنسية الفجة، لأن الجنس في «الآخرون» بنظري هو جزء من سياق الرواية. هل تتوقعين أن تكون الجرأة أكبر مما هي مطروحة الآن، وإلى أي حد يمكن القول إن الرواية النسائية في السعودية أسهمت في توسيع هامش الحرية بالنسبة إلى الكتاب؟ - علينا أولاً أن نجد توصيفاً لمعنى الجرأة في الرواية السعودية، ومن بعدها نحدد الخط الذي وصل إليه الكاتب ومقدار جرأته. هناك في تصوري جرأة محمودة، وهي التي تقوم على كشف بعض الأمور التي تضيف للقارئ، وهناك جرأة مذمومة وفجة لا تهدف إلا إلى الإثارة وتثير اشمئزاز القارئ. يرى البعض أن الروائية أو الكاتبة لا تهجر بلداً إلا إذا كانت تخالف واقعه الثقافي والفكري، لماذا هجرت سمر المقرن وطنها إعلامياً وفكرياً وثقافياً بعد؟ - لم أهجر بلدي. ظروف الدراسة أجبرتني على التنقل، لم اشعر في أي يوم بأني قد خالفت الواقع الثقافي والفكري في وطني، بدليل أني أرى تأييد وحب الناس وهذا يكفيني. أما الهجرة الإعلامية فنعم، بعد أن قدمت استقالتي من صحيفة الوطن بسبب ضغوط «ذكورية» لا تتقبل وجود امرأة ناجحة، لم تأتني عروض في الصحافة السعودية. وجاءتني من صحيفة «أوان» الكويتية، والتي أكتب فيها منذ شهر مايو 2008، وأعيش الآن معها تجربة جديدة تضاف إلى رصيدي الصحافي. معاناة الفتاة السعودية وعرض سلبيات الرجل السعودي، وانتقاد بعض المؤسسات الحكومية، هل هي دوافع لخروج الروائية سمر عن السائد في الروايات السعودية؟ - هناك الكثير من الظلم الذي تعيشه المرأة السعودية، ولو بقيت أكتب لمدة مئة عام لن أعرض ربع معاناتها. أمانة القلم والواجب الوطني يحتم علي أن أتناول ولو جزءاً من هذه المعاناة، علماً بأني لا أرى نفسي قد خرجت عن السائد بقدر ما هو الركود، الذي يحتاج إلى حركة وصدمة لتتيقظ المرأة ويتيقظ المجتمع، الذي يعيش مرحلة فكرية وثقافية وسياسية جديدة.