أبلغ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف، في اتصال هاتفي أمس (الأربعاء)، بأن أي حوار حول ما يجري في سورية حالياً لا يجدي، وأنه كان أولى بالروس التنسيق مع العرب قبل استخدام موسكو حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرار يندد بالوضع في سورية. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أمس، أن خادم الحرمين الشريفين قال لميدفيديف، إن السعودية «لا يمكن إطلاقاً أن تتخلى عن موقفها الديني والأخلاقي تجاه الأحداث الجارية في سورية». وأضافت أن الملك عبدالله تلقى اتصالاً من الرئيس الروسي الذي عرض معه العلاقات الثنائية وأوضاع المنطقة، خصوصاً ما يجري في سورية. وأبدى ميدفيديف وجهة نظر حكومة بلاده تجاه ذلك، فأجابه خادم الحرمين الشريفين بأنه كان من الأولى أن ينسق الروس مع العرب قبل استخدام بلادهم حق النقض في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن الأوضاع في سورية. وأضاف خادم الحرمين الشريفين: «أما الآن فإن أي حوار حول ما يجري لا يجدي». وكان خادم الحرمين الشريفين قال - في 10 شباط (فبراير) الجاري لدى استقباله ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) - إن ما حدث في الأممالمتحدة لم يكن «بادرة محمودة أبداً»، وأضاف: «كنا وكنتم نعتز بالأممالمتحدة، تجمع وما تفرَّق، تنصف وما يتأمل منها إلا كل خير (...) لكن الحادثة التي حدثت ما تبشر بخير، لأن ثقة العالم كله في الأممالمتحدة ما من شك إنها اهتزت». وقال الملك عبدالله إن «الدول مهما كانت لا تحكم العالم كله أبداً أبداً، بل يحكم العالم العقل، يحكم العالم الإنصاف، يحكم العالم الأخلاق، يحكم العالم الإنصاف من المعتدي. ويذكر أن مجلس الوزراء السعودي شدد في جلسته التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين في 6 شباط الجاري على أن إخفاق مجلس الأمن في استصدار قرار لدعم المبادرة العربية تجاه سورية، يجب ألا يحول دون اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية أرواح الأبرياء، ووقف نزف الدم، وجميع أعمال العنف الذي تنذر بعواقب وخيمة على الشعب السعودي واستقرار المنطقة. وفي جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها خادم الحرمين الشريفين في الرياض في 13 شباط (فبراير) الجاري، شدد المجلس على اتخاذ إجراءات حاسمة، بعد أن فشلت أنصاف الحلول في وقف مجزرة سورية التي تفاقمت من دون أية بارقة أمل لحل قريب يرفع معاناة الشعب السوري ويحقن دماءه. وناشد مجلس الوزراء السعودي في جلسته في 20 شباط الجاري برئاسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، المجتمع الدولي «مراعاة الوضع الإنساني لأبناء الشعب السوري بنتيجة التصعيد الخطير الذي تشهده الساحة السورية». من جهته، قال عضو المجلس الوطني السوري جبر الشوفي ل«لحياة»: «إن أعضاء المجلس الوطني كافة، وأبناء الشعب السوري كافة يتوجهون بالشكر إلى خادم الحرمين على رفضه الواضح لعمليات ذبح الشعب السوري اليومية والتي يرتكبها النظام في دمشق»، مضيفاً أن موقف المملكة قدم غطاءً سياسياً كبيراً، سيوظفه المجلس الوطني للضغط دولياً في اتجاه سرعة التدخل لحماية أرواح السوريين. وأوضح الشوفي أن المعارضة السورية تنشط الآن على الساحة الدولية، وبدأت بالفعل في التواصل مع 70 دولة من مختلف دول العالم، لحثها على سحب سفرائها من دمشق، وطرد سفراء النظام السوري من أراضيها لخنق النظام وعزلته، مشيراً إلى أن ثمة تجاوباً كبيراً من هذه الدول. وأكد عضو المجلس الوطني أن موقف المملكة من الفيتو الروسي يكشف أمام العالم وأمام شعوب الدول الرافضة للتدخل لنجدة الشعب السوري، كم هذا الشعب يعاني، وكم يتعرض للقتل والتعذيب اليومي، وهو ما يرسخ لاحقاً لتقديم بشار الأسد ونظامه إلى محكمة الجنايات الدولية، التي لن تحيد عنها المعارضة السورية – بحسب قوله -. المحلل الاستراتيجي والسياسي المصري اللواء سامح سيف اليزل قال: «إن الموقف السعودي موقف إيجابي يدلل على مدى الثقل السياسي للمملكة على المستوى العربي والدولي، وقد تلمّسنا ذلك خلال كلمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الجنادرية، والتي عبر فيها عن موقف المملكة تجاه التحرك الصيني والروسي في الأزمة السورية، وتوقعنا أن يكون لها مردود فعل عالمي، وهو ما حدث بالفعل». سيف اليزل أكد ل«الحياة» أن المملكة ترى أن الفيتو الروسي الصيني قد حجب حقاً عن الشعب السوري، واستقوى به نظام الأسد، وقد بدأ الضحايا من بعده في الازدياد، ما دفع بالمملكة إلى تأكيد رفضها له. وأضاف المحلل الاستراتيجي المصري أن ثمار التحرك السعودي بدأت في الوضوح، فعقب إعلان الرياض سحب مراقبيها من بعثة جامعة الدول العربية إلى سورية، أعقبتها دول الخليج، وبعد اتخاذ قرار بطرد السفير السوري، تحركت مصر، وقامت بخطوة مماثلة وطردت سفير دمشق لدى القاهرة، وجميعها مواقف وتحركات كان للدور السعودي تأثير كبير في اتخاذها. خبراء ل«الحياة» : مواقف السعودية تجاه سورية تزيد الضغوط على موسكو وبكين