اعتاد السعوديون على رؤية الأفاعي بأشكالها والجوارح بشتى أنواعها في «البرامج الوثائقية» على الشاشة الفضية من حين إلى آخر، لكن غالبيتهم لم يتخيلوا أن بإمكانهم أن يشاهدوا ما يرونه في أدغال أفريقيا وهضاب الهند على أرض الوقاع، وعلى الأراضي السعودية تحديداً. على الحدود السعودية - اليمنية، ترتع الحيات والأفاعي «القارصة» و«العاصرة» والطيور النادرة والحيوانات البرية في ما يسمى بسوق «الخوبة»، التي يجوز اعتبارها «حديقة حيوانات» تضم نوادر الفصائل من الحيوانات. ومهما كانت البضاعة فريدة أو غريبة، فإن زوار سوق الخوبة الشعبية في محافظة الحرث في منطقة جازان، سواء من سكان المنطقة والمملكة، أم حتى السياح من دول الخليج العربي، سيجدون ضالتهم في هذه السوق شبه الحرة، التي تعرض البضائع اليمنية والسعودية، لشراء أنواع نادرة من الصقور والطيور والحيوانات والنباتات، إضافة إلى الكثير من المقتنيات التراثية المتنوعة. طيور الحجل والديوك الرومية والقطا والعقب، أول ما يطالعه الزائر من الأشياء النادرة في هذه السوق، إضافة إلى الغزلان والقرود والسباع والذئاب والضباع والثعالب والوشق. وتعد السوق المكان الأمثل لمربي الثعابين والحيات بأنواعها، كالأصلة والحية والكوبرا العربية والثعبان السجادي والثعبان الأسود ذي الشوكة الخلفية، والأخير هو الأخطر والأكثر سمية بينها، بحسب أحد مربيها (أبورغد) الذي كان موجوداً أثناء جولة «الحياة» في السوق، إذ أوضح أن «الكوبرا العربية» لدغته قبل ثلاثة أيام، إلا أنه أسعف قبل أن ينتشر السم في جسده. وعن مدى حبه لهذه الهواية، وكيفية تعامل أفراد أسرته معها، أوضح أنها هوايته المحببة منذ الصغر، ثم أصبحت بمرور الزمن مصدر رزق له ولأولاده، مفيداً بأن أسرته رفضت الفكرة في البداية، قبل أن تتأمل الأمر في ما بعد. وذكر أن أفعى الأصلة الملكية الصفراء والمنقّطة هي أنواع عاصرة ولا توجد لها أنياب، ويوضع طعامها باستمرار من الفئران والجرذان، موضحاً أنها بعد أن تقتات، تبقى مسالمة ولا خطر في مداعبتها. ولا يستطيع مرتادو السوق تجاهل النباتات العطرية، مثل الكادي والبعيثران والفل البلدي بأنواعه، التي تستقبلهم رائحتها الزكية عند مدخل السوق، كما يباع عدد من الفواكه الجبلية النادرة، مثل الموز البلدي والعنب والمانجو والفركس. ولم يمنع وجود الكائنات الحية بمشاربها المختلفة، الأزياء الشعبية من الحضور في السوق الشعبية، إذ تُرى المصانف والمقاطب والألحفة، وهي ما يتوقف كثير من الزوار أمامها، إضافة إلى المصنوعات الخزفية ذات التطريزات والأشكال الهندسية الجميلة، كالمظلات والكوفيات، والأواني الفخارية.