سنحت الفرصة أخيراً للشاعرة سعدية مفرح لمغادرة الكويت للمرة الأولى في حياتها، لتشارك في مهرجان أدبي، بعد أن كان عدم حصولها على جواز سفر يمنعها من الحركة سوى في داخل الكويت. ليس مسموحاً، كما هو معروف، لصاحبة «حداة الغيم والوحشة»، مغادرة الكويت، البلد الذي تحمِل همومه وقضاياه، غير أن ذلك لم يجعلها جديرة، من وجهة النظر الرسمية، بالحصول على جنسيته، فكان مكتوباً عليها ألاّ تلبي الدعوات التي تتلقاها تباعاً للمشاركة في مهرجانات ثقافية وأدبية، عربية وسواها، بصفتها شاعرة مميزة وأحد الأسماء الأساسية في منطقة الخليج. ومثلت إطلالة سعدية مفرح في مهرجان الجنادرية، مناسبة جميلة لقرائها ومحبيها، الذين كان احتفاؤهم بها واضحاً وصادقاً، وتحدثوا معها حول تجربتها الشعرية وحول ما يشغلها كشاعرة وإنسانة. وأحيت الشاعرة التي تُرجِم كثيرٌ من قصائدها إلى عدد من اللغات الأجنبية، مثل الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والسويدية والطاجيكية والفارسية، أمسية شعرية إلى جانب شعراء وشاعرات، وقرأت فيها بعض أجمل قصائدها. عاشت سعدية مفرح أيامها الأولى -في مدينة الرياض- حالاً من الغربة والاغتراب، كما قالت، ولعل ذلك يعود إلى أنها المدينة الأولى التي تزورها، غير أنها تقول: «لكن ما إن فتحت أبواب قلبي حتى أسرتني مشاعر الناس وأحاطتني بالحب وبدفء المشاعر، وبعدها أنكرت على نفسي مشاعري الأولى، ففي الرياض قلوب الناس كانت دليلي». وأعربت صاحبت «سين... نحو سيرة ذاتية ناقصة»،عن شعورها بالغبطة حين تكون على الهامش، بعيداً من الندوات، «خصوصاً خلال مداخلات الحضور ومشاركاتهم، عندما تخرج من القلب للقلب مباشرة، من دون تحسب لرقيب أو كلمات مكتوبة». وأكدت سعدية مفرح سعادتها بالأجواء التي سادت المهرجان.