أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس، أنها «لن تقبل بأي ابتزاز» من الولاياتالمتحدة حول أوكرانيا، وذلك غداة تبني عقوبات أميركية جديدة ضد موسكو استهدفت أفرقاء رئيسيين في الاقتصاد الروسي، إضافة إلى عقوبات أوروبية شملت تجميد تمويل مشاريع روسية، وقرار توسيع لائحة «الكيانات» المتهمة بتقديم دعم مالي لخطوات تهدد أو تقوض سيادة أوكرانيا، والتي ستصدر قبل نهاية الشهر الجاري، في وقت تضم اكثر من 70 شخصية روسية وأوكرانية حالياً. واستهدفت عقوبات واشنطن أيضاً 8 شركات سلاح بينها الشركة التي تنتج بنادق كلاشنيكوف، ومسؤولين روسيين كبيرين أحدهما سيرغي نيفيروف نائب رئيس البرلمان، والسلطات الانفصالية في مدينتي دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا. كما قرر القادة الأوروبيون خلال اجتماعهم في بروكسيل رفع الحظر المفروض على تصدير المعدات الأمنية للحماية إلى أوكرانيا، وفي مقدمها الخوذات والسترات الواقية من الرصاص. وتراجعت بورصة موسكو بعد إعلان العقوبات، وانخفض مؤشرا «ميسيكس» بعملة الروبل و «آر تي أس» (بالدولار) 2,03 و3,26 في المئة على التوالي، كما انخفض الروبل الى 34,8 للدولار الواحد و47,1 لليورو، فيما صرح ميخائيل سوخوف، نائب محافظ البنك المركزي الروسي، بأن البنك سيبحث حزمة العقوبات الأميركية الجديدة، وقد يدعم بنوكاً تأثرت بالعقوبات. وأكد سوخوف أن البنك المركزي، الذي يملك رابع أكبر احتياطات الذهب والنقد الأجنبي في العالم، يملك أدوات نقدية كافية للحفاظ على استقرار البنوك التي تأثرت بالعقوبات، وبينها على سبيل المثال منع بنوك روسية مثل «غازبروم بنك» والبنك الروسي العام (في إي بي)، من جمع تمويل في المديين المتوسط والطويل من مؤسسات أميركية. لكن «غازبروم بنك» أكد أن العقوبات لن تؤثر على استقرار عملياته أو أوضاعه المالية، «إذ نعمل بطريقة طبيعية ونلبي كل احتياجات عملائنا، وبينها عمليات عبر أنظمة سداد دولية». وأورد بيان وزارة الخارجية الروسية: «لن نقبل بالابتزاز، ونحتفظ بحق اتخاذ إجراءات للرد على العقوبات الجديدة»، متهماً الولاياتالمتحدة ب «تنفيذ محاولة بدائية للانتقام، لأن الأحداث في أوكرانيا لا تسير كما ترغب واشنطن». ووصف دعم الولاياتالمتحدة للسلطات في أوكرانيا التي تستخدم أسلحة ثقيلة ضد الانفصاليين الموالين لموسكو، بأنه «استفزاز لإراقة الدماء». وتابع البيان: «قلنا مرات إن استخدام لغة العقوبات أياً كان نطاقها مع روسيا لا يجدي، وسياسة واشنطن ستصيبها بخيبة كبيرة، خصوصاً أن العقوبات ستؤثر بلا شك على قدرتنا على التعاون في مجالات أخرى»، علماً بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صرح في البرازيل بأن «العقوبات تجر العلاقات الروسية - الأميركية إلى طريق مسدود، وتلحق بها أضراراً خطرة تشمل المصالح الأميركية أيضاً». واوضح بوتين أن موسكو ستأخذ وقتها قبل الرد على عقوبات واشنطن، «إذ يجب النظر إلى مضمون العقوبات ودرس تفاصيلها بهدوء وبلا تسرع». لكنه لفت إلى أن شركات الطاقة الأميركية ستكون في مقدم الضحايا، «لذا من المؤسف أن يتبنى شركاؤنا هذا النهج، لكننا لم نغلق الباب أمام المفاوضات بهدف الخروج من هذا الوضع». وأدرجت واشنطن على لائحتها السوداء مجموعة «روسنفت» النفطية الروسية العملاقة التي جمدت ودائعها في الولاياتالمتحدة، ومنعت الشركات الأميركية من عقد صفقات معها. إلى ذلك، شدد بوتين على أن روسيا تملك «مصلحة حيوية» في إنهاء النزاع سريعاً بين القوات الحكومية الأوكرانية والانفصاليين، مستدركاً: «لا أعلم إذا كان ثمة مصلحة لبلد آخر غير روسيا، باستثناء أوكرانيا ذاتها، لإنهاء حمام الدماء وضمان استقرار الوضع لدى جارتنا». وتعليقاً على معلومات نقلتها الصحافة الروسية عن نية موسكو إعادة فتح مركز تنصت في كوبا استخدم خلال الحرب الباردة للتجسس على الولاياتالمتحدة، نفى بوتين هذه المعلومات. وعلّق الرئيس الأميركي باراك أوباما على العقوبات الجديدة، في مداخلة مقتضبة بالبيت الأبيض، قائلاً: «ننتظر أن يدرك القادة الروس مجدداً أن ما ينفذونه في أوكرانيا له تداعيات، أهمها إضعاف اقتصاد روسيا وتنامي عزلتها الديبلوماسية». وأضاف: «أبلغ روسيا بوضوح، بالتنسيق مع الحلفاء، أن عليها وقف تدفق الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود، والضغط على الانفصاليين شرق أوكرانيا للإفراج عن الرهائن ودعم وقف إطلاق النار». ورحب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشنكو بالعقوبات الأوروبية، معتبراً أنها «خطوة مهمة في دعم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها واستقلالها». وكتب بوروشنكو على «فايسبوك»: «أبدت أوروبا تضامنها مع أوكرانيا»، علماً بأن المستشارة الألمانية أنغيلا مركل قالت إن «العقوبات الأوروبية عمّقت العقوبات الاقتصادية، ما يمهد لمناقشة المرحلة الثانية أو الثالثة. وفي رأيي ندخل المرحلة الاقتصادية الآن».