حين كانت تلفزيونات العالم وفضائياته مشغولة قبل أيام بنقل مراسم تشييع مايكل جاكسون مباشرة من لوس أنجليس في الولاياتالمتحدة، كانت التلفزيونات اللبنانية تقدم برامجها المعتادة إلا «تلفزيون لبنان» (الرسمي) مشى في الموجة العالمية وراح يبث للمشاهدين اللبنانيين مراسم التشييع مع ترجمة فورية لتعليقات المذيع الأميركي. ومثله أيضاً فعلت محطة «أم تي في» التي عادت بعد سنوات من إقفالها إلى البث فضائياً فقط، مع فارق بسيط أن «أم تي في» أحضرت بضعة شبان من محبي أعمال مايكل جاكسون ليتحدثوا عنه. واذا كان قرار «تلفزيون لبنان» بث المراسم على حساب برامجه في نظر كثيرين عادياً، إلا أنه في الواقع ليس كذلك ويستحق الوقوف عنده تقديراً لمن اتخذ القرار وأراد أن يخرج المشاهدين اللبنانيين من رتابة ما يبث من برامج في فترة بعد الظهر في بيروت وبخاصة إذا كان في لبنان لحظتها زائر رسمي تستدعي متابعة جولته على المسؤولين وقف البرامج والانتقال إلى بث مباشر لنقل تصريحاته المتشابهة. وهذا تماماً ما حصل يوم شيّع مايكل جاكسون، اذ كان وزير خارجية ألمانيا فرنك شتانماير يزور لبنان في الوقت ذاته ويجول على المسؤولين ويعقد مؤتمراً صحافياً بثّه بعض التلفزيونات إلا «تلفزيون لبنان» الذي بقي يبث مراسم تشييع مايكل جاكسون، علماً أن المنطق والأصل يفترض أن «تلفزيون لبنان» بصفته تلفزيوناً رسمياً ينطق باسم الحكومة هو الأولى ببث المؤتمر الصحافي للزائر الرسمي وأن يخصص فرق عمل لتنتقل معه من مقر رسمي إلى آخر. لكن التلفزيون لم يقم بذلك وحسناً فعل لأسباب أولها أنه يثبت غير مرة أن فيه ادارة جديرة باتخاذ القرارات ولا تخضع لوصاية الحكام وأنه يستحق أن يعطى ما يحتاج إليه من دعم ليتألق مجدداً ويستعيد مجده، علماً أنه التلفزيون الأعرق في الشرق الأوسط، وكثير كثير من المحطات يعتمد في خلفياته على أرشيفه. وثانيها أن القائمين على البث المباشر في «تلفزيون لبنان» ربّما أدركوا أن ما سيقوله الزائر في مؤتمره الصحافي لا يسمن ولا يغني من جوع وأن أي مفردات سيتلوها عن دعم بلاده لبنان سيبقى كلاماً إعلامياً فحسب. لهذا كان أفضل للمشاهدين اللبنانيين أن تنقل إليهم مراسم تشييع مايكل جاكسون لأنها بحد ذاتها حدث إعلامي لا يتكرر. و «تلفزيون لبنان» على تعثره تفوق على التلفزيونات الرسمية العربية في الناحية المهنية. ولعله ينهض أخيراً من كبوته.