يؤلمني التهجم الجائر على الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم ونكران الجميل لكل إنجازاتها ثم وصفها بالفشل والعجز والانقسامات... كلام مرّ بحق قيادات الجامعة وتاريخها ينطوي على كثير من الظلم، بدل الشكر لشخصيات اغترابية مميزة ووطنية ترأست الجامعة وحافظت عليها في مواقعها الطبيعية، وعلى رسالتها وأهدافها من دون منّة. كيف نجهل أنها المؤسسة الأقوى والأهم والأكثر امتداداً وتواصلاً في دنيا الاغتراب وبفضل رئيسها الحالي عيد الشدراوي ومجلسها العالمي، ما زالت تقوم بأفضل ما يمكن، من خلال نشر وإرساء أهدافها، بدءاً من الأممالمتحدة التي تعترف بها كمؤسسة ثقافية واجتماعية وصولاً إلى كل بقعة يتواجد فيها أبناء الوطن. نعم، بفضل قياداتها وأعضائها السابقين والحاليين أصبحت الجامعة السلاح الفكري للبنان، وتألقه الحضاري، وأثبتت وجوده في كل ندوة عالمية أو مشروع تجدد وإصلاح وحداثة. جسدت تعزيز عالمية لبنان وحضوره الفعّال في المحافل الدولية وفي مراكز صنع القرار، وساهمت في إصدار القرار الرقم 1959. وقد جمعت شمل اللبنانيين في العالم وحملتهم على التعاون المثمر والبناء والحنين إلى بلاد الأرز. الجامعة مؤسسة عالمية مستقلة وغير حكومية، لا سلطة للدولة عليها لكن هناك قوى تحاول تعطيل حركتها وشل فعاليتها، عسى هذه التدخلات تمزق نسيج اللبنانيين في مغترباتهم النائية، وقد غاب عن ذهن قوى الأمر الواقع إن القوى الاغترابية وعلى رأسها الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم هي قوى توحيدية صلبة، وليست قوى ضجيج شعارات أو نزعات طائفية وسياسية. الجامعة لا يمكن أن يكون دورها موظفاً في خدمة زعامة، أو فئة أو طائفة أو موقع سياسي. لذلك، فالمجلس الذي يبشرون به، وكأنه واجهة لوجهاء، قد يجعل الانتشار أمام خطوط تماس بينه وبين الدولة ووزارة الخارجية. فالجامعة والانتشار ليسا على حافة الخطر، لكي يتذرعوا بوضع اليد عليهما، سواء لاغتيال الجامعة وهي أقوى من الموت، أو لاغتصاب حرية الانتشار وديموقراطيته أو التوهم بالوصاية عليهما. فالجامعة التي عززت أواصر التفاعل الحضاري والاجتماعي والوطني، وأصبحت جسر التواصل التاريخي بين لبنان المقيم والمغترب لا تلغى بقرار سياسي أو بترف فكري حالم بمصادرة دورها ورسالتها أو حصارها أو إقامة المحاور في ملاعبها.