أوشكت محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه، أن تضع أوزارها وسط جدل واسع النطاق في شأن ما يعتبره معارضون «هزلية المحاكمة» ومطالب برلمانية بمحاكمة سياسية لمبارك وأعوانه. وحددت أمس محكمة جنايات القاهرة التي تنظر القضية الاثنين المقبل موعداً لسماع تعقيب النيابة العامة على ما ورد في مرافعات الدفاع عن المتهمين، قبل أن تحدد جلسة أخرى للنطق بالحكم ينتظر أن تكون منتصف الشهر المقبل. واستمعت المحكمة أمس إلى مرافعة الدفاع عن مدير أمن القاهرة اللواء إسماعيل الشاعر في جلسة شهدت مشاحنات بين هيئة الدفاع والمدعين بالحق المدني. ومن المقرر أن تنتهي مرافعات الدفاع عن المتهمين الخميس المقبل. واستهل دفاع الشاعر مرافعته ب «تقديم واجب العزاء إلى أسر الشهداء ودفاعهم». وأثار ذلك اعتراض أحد المحامين عن المدعين بالحق المدني قال إنهم لا يقبلون العزاء من دفاع قتلة أبنائهم، فرد المستشار أحمد رفعت غاضباً: «واجب العزاء مكفول للجميع وأنت لا تمثل الغير... أنت تريد إثارة أعصاب المحامي حتى لا يتمكن من الترافع. هذا خارج الحدود». وقرر رفع الجلسة بعد حوالى خمس دقائق فقط من بدايتها وأصدر قراراً من داخل غرفة المداولة بطرد المحامي الذي تحدث معترضاً في القاعة. وبعد عودة المحكمة، كرر دفاع الشاعر العزاء مرة أخرى وطالب ببراءة موكله وباقي المتهمين، كما أثار الجدل عندما انتقد عدم تقديم أي متظاهر للمحاكمة عن ما قال انه «وقائع قتل ضباط الشرطة». وهاجم النيابة معتبراً أنها «عممت الاتهام وساوت في مراكز المتهمين القانونية»، وأن التحقيقات «حملت قصوراً شديداً يوجب براءة جميع المتهمين». وأشار إلى أن «النيابة قامت بتوجيه الاتهام إلى أشخاص بعينهم دون غيرهم، وأن النية كانت مبيتة لديها للإحالة قبل بدء التحقيقات، وأنه كانت هناك العديد من الوقائع الخطيرة التي كانت تستوجب التحقيق فيها... وأوراق القضية لم تحتو على تفاصيل في شأن حرق الأقسام واقتحام السجون والتمثيل بجثث الضباط وأفراد الشرطة في الشارع». وتساءل: «كيف للنيابة إن استطاعت تحديد المتهمين بقتل المتظاهرين، ثم عجزت عن تحديد المتهمين بقتل ضباط الشرطة؟». واعتبر أن «النيابة العامة اتهمت رجال الشرطة بالقتل عندما دافعوا عن منشآتهم ضد الاعتداءات بالحرق والاتلاف، ثم عادت واتهمتهم أيضاً بالإهمال والانسحاب في آن واحد، على نحو يعكس تناقضاً في إسناد الاتهام». ورأى أن «الشرطة وقفت موقف المدافع بينما كانت النية مبيتة للعدوان لدى المتظاهرين»، لافتاً إلى أن «النيابة العامة اعتبرت أن الاعتداء على الأقسام واقتحامها وحرقها أمر طبيعي بينما استخدام الضابط لحقه القانوني جريمة قتل واعتبرت أن حياة المتظاهر غير السلمي أفضل من ضابط يؤدي واجبه». وخلص إلى أن «سلطة الاتهام لا يجب ان تنساق وراء رغبات الغاضبين، ولكنها يجب أن تلتزم بالتحقيق وايجاد الأدلة». وأبدت هيئة الدفاع عن الضحايا ثقتها من «تحقيق العدالة في القضية». وشددت على أن الضغوط «لن تؤثر في مسار القضية». وقال منسق هيئة الدفاع محامي «الإخوان المسلمين» عبدالمنعم عبدالمقصود إن «القاضي يفترض ألا يتأثر بالأجواء التي تحيط به»، مشيراً إلى أن «هيئة الدفاع عن المتهمين لم تفلح في الطعن على القرائن والأدلة التي قدمتها النيابة وأحالت المتهمين بمقتضاها على المحاكمة». وتوقع «إدانة مبارك والعادلي بتهمة قتل المتظاهرين» التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. وعن المطالب البرلمانية بمحاكمة سياسية لمبارك، أوضح عبد المقصود ل «الحياة» أن «البرلمان من حقه سن قوانين بأثر رجعي، حتى يقدم مبارك وأعوانه على محاكمات بتهمة الخيانة العظمى مثلاً»، لكنه لفت إلى أنه «لا يمكن أن تعاد محاكمة مبارك في شأن تهمة حوكم فيها (قتل المتظاهرين) حتى لو صدرت أحكام مخففة».