هذا ما جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد! لا أدري لماذا توقعت أن تردد الزوجة الحامل والمتهمة بالجمع بين زوجين بيت الشعر هذا بعدما نما لعلمها أن زوجها الأول الذي لم يدخل بها لم يطلقها بشكل رسمي، وأن أبوها قام بتزويجها لشخص آخر تحمل طفله في أحشائها! ولا أعلم هل من المناسب الآن فتح ملف هروب بعض الأزواج واختفائهم؟ أم أتوقع فقط أن الأب زوّجَها لرجل آخر بعدما نما لعلمه أن الزوج الأول والذي يقيم في بلد آخر قد طلق ابنته وتصرف بحسن نية وقام بتزويج ابنته لرجل آخر، بناءً على هذه المعلومة التي ينقصها الإثبات وهو الصك الشرعي. إذا علمنا أن الزوج بإمكانه التبليغ عن هروب زوجته من منزله، وإذا علمنا أن الجهات الأمنية قد تستنفر للبحث عن الزوجة الهاربة ولا تستنفر للبحث عن الزوج الهارب من منزله ومن أطفاله، أو الزوج الذي علّق زوجته فلم يستكمل إجراءات الزواج ولم يطلق الزوجة علناً، ولم يرسل لها صك الطلاق، السؤال الأهم هو: لماذا نعتبر الزوجة الهاربة (هاربة ونعاملها كمجرمة أخلّت بالعقد، ولا نعتبر الزوج الهارب هارباً) نتيجة انقطاع صلته وأخباره بزوجته؟ السؤال الثاني: وهو الشهود كيف نعاقبهم على أمر لا يعرفونه ولا يعرفون كيف يتأكدون منه ومن صحته؟ إذا كانت الشهادة مجاملة فقط وفقاً للعرف السائد في مجتمعنا، الأمر الذي ذكرني بموقف خطير حدث لي أنا شخصياً، وخرجت بعده والحيرة تأكلني وتنهش في ضلوعي، لأن الشاهدين الذين تأكد كاتب العدل من تعريفهما لي (لم يسبق لهما أن شاهداني في حياتهما) وشهدا أنني أنا زوجة فلان ابن فلان (غميضي)، وبناءً على كلام زوجي فقط، ولم يسألني أحد هل أقبل بشهادتهم من عدمه أصلاً! هذه القصة أعادت لي المشهد نفسه، وأيقنت أن الشهود ربما قاموا بما قاموا به بكل براءة وبحسن نية. ورغم أن الأب نال عقوبة السجن 6 أشهر والجلد أربعين جلدة - كما ذكر الخبر - وأن الشاهدين الذين دفعا ثمن المجاملة وحسن النية لهما عقوبة مماثلة ومخففة بعض الشيء، لأنهما وثقا في كلام الأب من دون التأكد من الوثائق! السؤال الأهم أيضاً لماذا لم يعاقب المأذون الثاني، لأنه لم يطلب صك الطلاق؟ ولا أدري لماذا تغاضى القاضي عن دوره المهم في هذه القضية الشائكة! المفرح في الأمر أن الزوجة لم تطاولها عقوبة لأنها حامل، ولأنها اعتمدت على كلام والدها حينما أخبرها بأن زوجها الأول طلقها، وسعدتُ أكثر أن القاضي وضع في حسبانه الجنين ومصلحته أيضاً. لا أدعي الآن المطالبة بوضع قانون يحتم تسجيل حالات الزواج والطلاق، واعتبار الزوج المختفي والغائب من دون علم زوجته (أو بالعكس كما نعتبرها هاربة) هو هارب أيضاً، ينبغي إحضاره أما لإكمال إجراءات الزواج أو تسريح الزوجة دون تسويف، حتى لا نتوقع أن نسمع هذا ما جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد! [email protected]