رحبت الخرطوم بتوقيع السودان وجنوب السودان اتفاقاً أمنياً أمس ينص على عدم اعتداء كل منهما على الآخر بعد الخلافات الحدودية القائمة بينهما وزيادة حدة التوتر واقترابهما من الدخول في حرب مفتوحة. ويسعى كل طرف عبر الاتفاق الى توجيه رسالة الى المجتمع الدولي لإثبات حسن نياته وجنوحه الى السلام. وجاء الاعلان عن الاتفاق، الذي وقّعه رئيس جهاز الاستخبارات في جنوب السودان توماس دوث، ومدير الأمن والاستخبارات السوداني محمد عطا مباغتاً لمراقبين كانوا يتوقعون أن يخوض وفدا الخرطوموجوبا مفاوضات شاقة في أديس آبابا، حيث تجرى مفاوضات لتسوية ملف النفط الذي أدى الى توتر العلاقات وأعاد شح الحرب بينهما. ويوقف الاتفاق، في حال التزام طرفيه دعم جماعات مسلحة على جانبي الحدود واستخدامها في حرب وكالة، تستنزف قدراتهما المالية المحدودة وتُضعف مواجهتهما للأوضاع الأمنية والاقتصادية المتعثرة في دولتيهما. ويعتقد خبراء أن الاتفاق قد لا يعبر عن مواقف أطراف لديها نفوذ قوي في الحكومتين، خصوصاً من دولة الجنوب التي غاب وزيرا الداخلية والدفاع عن الحضور الى أثيوبيا للمشاركة في الاتفاق الأمني وأنابا مسؤولين على مستوى أقل على رغم وصول نظريريهما من السودان، وكان مقرراً أن يناقش الجانبان فتح الحدود والمعابر بين البلدين لتسهيل التبادل التجاري بينهما. ويرى مراقبون ان الاتفاق لن يعالج الوضع المتأزم بين البلدين، خصوصاً ان نقاط الخلاف كثيرة ومتشعبة، كأزمة منطقة أبيي المتنازع عليها والخلاف على 20 في المئة من الحدود، إضافة الى المياه ووضع الجنوبيين في الشمال. وأعرب وزير الدولة لشؤون الرئاسة السوداني امين حسن عمر عن مخاوفه من ان يكون توقيع الاتفاق مناورة جنوبية. وحذر من لدى ان الخرطوم خبرة طويلة في العمل السياسي افضل من الجنوب. وقال ل «الحياة» إن في حكومة الجنوب عقلاء، لكن للمتطرفين اليد الطولى. مشيراً الى ان السودان يمكن ان يستخدم حرباً بالوكالة اذا لم تلتزم جوبا الاتفاق الامني. وكان رئيس الآلية الأفريقية تابو مبيكي قال ان الاتفاق الامني يُلزم كل منهما باحترام سيادة أراضي الطرف الآخر وسلامتها، والامتناع عن شن أي هجوم، بما في ذلك عمليات القصف الجوية أو البرية. وينص على تشكيل جهاز مراقبة لاحترام تنفيذ الاتفاق للتحقيق في اي اختراق يحصل من أحد الجانبين. وفي تصريحاته للصحافيين، قال مبيكي إن «هذه الآلية ستكون مسؤولة عن بحث أي اتهامات أو شكاوى، داعياً مسؤولي البلدين إلى التحرك بجدية لتسوية خلافاتهما. وكان الرئيس السوداني عمر البشير قال الأسبوع الماضي ان احتمال حدوث نزاع مسلح مع جنوب السودان، خصوصاً أن جوبا متهمة بإيواء المتمردين في الشمال، الذين تربطهم بها علاقات تاريخية، والحركات المسلحة في دارفور. وتوعد رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت بحشد قواته على الحدود لملاقاة القوات السودانية للدفاع عن بلاده ووصف الرئيس البشير بمجرم الحرب الفار من العدالة الدولية.