أفاد عبدالحق لعيايدة، مؤسس «الجماعة الإسلامية المسلحة» (لم تعد موجودة)، أن اغتيال رهبان دير تيبحيرين السبعة عام 1996 نُفّذ من قبل جمال زيتوني (أبي عبد الرحمن أمين) الذي كان يقود هذه الجماعة آنذاك. وجاء موقفه بعد أيام من كشف جنرال فرنسي كان يعمل في السفارة في الجزائر أن مروحية للجيش الجزائري - وليست «الجماعة المسلحة» - قتلت الرهبان «خطأ» عندما أطلقت النار على موقع كانوا يحتجزون فيه، ثم تم اللجوء إلى قطع رؤوسهم وتسليمها الى فرنسا والقول إن «الجماعة» هي من أعدمهم. وروى لعيايدة في مقابلة مع «الحياة»، أمس، بعض تفاصيل المفاوضات التي تمت يومها بين المخابرات الفرنسية وزيتوني بهدف تأمين إطلاق الرهبان في مقابل موافقة الجزائر على الإفراج عنه. لكنه حمّل المسؤولية للأجهزة الأمنية الفرنسية «التي فشلت في تحقيق تقدم لإضاعتها كثيراً من الوقت حول مسألة هل تفاوض «الجيا» («الجماعة المسلحة») أم لا؟». واعتبر لعيايدة أن واقعة اغتيال الرهبان حصلت بعد خطفهم وكانت نتيجة «خيانة مزدوجة من صنيع المخابرات الفرنسية». وقال: «تجاوزت المخابرات الفرنسية الدولة الجزائرية وذهبت إلى التفاوض مع جماعة مسلحة». وأتى تصريح لعيايدة إلى «الحياة»، أمس، في وقت عرفت قضية الرهبان منعرجاً جديداً في أروقة القضاء في باريس مع إعلان وزيرة العدل الفرنسية ميشال أليو ماري عن «تحقيقات إضافية» قائلة: «هذه الشهادة (شهادة الملحق العسكري في سفارة فرنسا سابقاً) توفر عنصراً جديداً، و بناء عليه فإن عناصر التحقيق الإضافية سيتم المباشرة فيها». وأضافت: «يتوافر القضاة على كل الإمكانات التي تتيح لهم إجراء تحقيق، بما في ذلك التعاون الدولي»، في إشارة إلى إمكان أن يحصل التحقيق الميداني خارج الأراضي الفرنسية. وكان الرئيس نيكولا ساركوزي قال قبل يومين إنه يوافق على رفع السرية عن الملفات المرتبطة بقضية الرهبان. وقال لعيايدة في تصريحه إلى «الحياة»: «خان الفرنسيون الجماعة الإسلامية المسلحة حيث توافقوا مع زيتوني على أمر ثم حاولوا خداعه بإرسال من يتجسس عليه». وأضاف أنه واثق من أن «الجماعة المسلحة» هي من خطف الرهبان و«لقد التقيت في ما بعد حتى من شاركوا في عملية الخطف». وتابع: «عناصر «الجيا» في المنطقة عثروا في يوم ما على الرهبان وهم يمارسون عمليات تبشيرية ... وجدوهم متلبسين فقاموا بخطفهم، لكن طرأت لهم فكرة أخرى وهي المطالبة بإطلاق سراحي لقاء تسليمهم الرهبان الفرنسيين». الجزائر تشجع الصوفية على صعيد اخر كتبت وكالة «رويترز» تحقيقاً عالجت فيه انتقال الجزائر الى سلاح الصوفية في كفاحها ضد المتشددين الإسلاميين. وتروّج حكومة الجزائر للصوفية وهي حركة إسلامية تعتبرها بديلاً ألطف للسلفية التي يعتنقها كثيرون من المتشددين الذين يقفون وراء العمليات المسلحة التي عانت منها الجزائر. وأنشأت السلطات قناة تلفزيونية وأخرى إذاعية للترويج للصوفية فضلاً عن إقامة «الزوايا» التي تقوم بتدريس تعاليمها وتمارسها فضلاً عن الظهور المنتظم لشيوخ صوفيين على قنوات أخرى. وجميعها خاضعة لسيطرة محكمة من الدولة. وتركز الصوفية الموجودة في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي بدرجة أكبر على الصلاة والذكر ويميل اتباعها إلى الابتعاد عن السياسة. وفي الجزائر لا تحيطها الكثير من الأضواء حيث أن معظم المساجد أقرب الى السلفية لكن من دون المفاهيم التي تنطوي على عنف التي تحملها في بعض الأحيان. ومن الصعب الحصول على أرقام محددة لعدد الصوفيين في الجزائر، لكن جورج جوفي الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية بجامعة كيمبريدج يقدر أن هناك ما بين مليون ومليون ونصف المليون من الصوفيين في الجزائر من جملة السكان البالغ عددهم 34 مليون نسمة. ويعتقد مسؤولون أن الصوفية تستطيع المساعدة في تحقيق السلام للجزائر التي ما زالت تحاول الخروج من صراع عانت منه في التسعينات بين القوات الحكومية والمتشددين الإسلاميين. وقال محمد ادير مشنان المسؤول في وزارة الشؤون الدينية «أختلف مع الايديولوجية السلفية لأنها لا تضع في الاعتبار الطبيعة الخاصة للجزائر». وقال ل «رويترز»: «نبذل الكثير من الجهد لتشجيع الناس على العودة إلى إسلامنا التقليدي. الإسلام السلمي المتسامح المتفتح الذهن. وبفضل الله الناس ينجذبون إلى رسالتنا أكثر مما ينجذبون إلى الرسالة السلفية». ولمنح الزوايا الصوفية دوراً محورياً أكبر في المجتمع يجري تشجيعها لترتيب الزيجات والمساعدة في رعاية الأيتام وتحفيظ القرآن وتوزيع الصدقات. ويقول الحاج الأخضر غنية عضو زاوية التيجانية: «الإسلام موجود في هذه الدولة منذ أكثر من 14 قرناً». ويضيف ل «رويترز»: «كنا نعيش ... في سلام وتناغم. لكن اليوم الذي قال فيه السلفيون يجب أن نطبّق إسلاماً جديداً في الجزائر بدأت المشاكل والمتاعب». ووجود السلفيين في الجزائر ملحوظ أكثر من الصوفيين لأن الصوفيين لا يرتدون أي زي مميز بينما يطلق معظم السلفيين لحاهم ويرتدون «القميص» وهو جلباب أبيض طويل في الشوارع وقلنسوات بيضاء. موقف السلفيين وترفض الكثير من الشخصيات السلفية البارزة العنف ونبذه آخرون منذ هجمات 11 أيلول (سبتمبر) على الولاياتالمتحدة. لكن بعض الجماعات المتشددة ما زالت تعتنق السلفية كأيديولوجية. وقال الشيخ عبدالفتاح وهو إمام سلفي بارز يتخذ من الجزائر مقراً له «الصوفية سلبية. إنها لا تسعى إلى التغيير. تشجع الدجل». وأضاف الإمام الملتحي: «السلفية جيدة وتكافح الأفكار المؤذية. نشجع شبابنا على اتباع قواعد الإسلام والابتعاد عن أسلوب الحياة الغربية». وكان رجل الدين الجزائري السلفي البارز عبدالمالك رمضاني الذي يعيش في السعودية قد دعا أنصاره منذ عام مضى الى الابتعاد عن السياسة والكف عن استعمال العنف.