بغداد - أ ف ب - يسعى العراق الى الحد من نشاط الشركات الامنية التي تعمل على اراضيه، في وقت بدا المتعاقدون الامنيون يواجهون تعقيدات بيروقراطية، وتوقيفات. ويعود السبب الرئيسي وراء هذا السعي الذي ينم عن فقدان السلطات العراقية ثقتها بالشركات الامنية الاجنبية، الى سلسلة الحوادث التي ادت الى وقوع ضحايا، وايضاً الى التصرفات المستفزة لموظفي هذه الشركات. وأبرز الحوادث وقع عام 2007 حين قتل ما لا يقل عن 14 مدنياً في ساحة النسور في بغداد برصاص مرتزقة يعملون لدى شركة «بلاك ووتر» الأميركية. ومنعت «بلاك ووتر» التي غيرت اسمها إلى «اكاديمي»، من العمل في العراق، الا ان المتعاقدين معها ما زالوا يتولون مسؤولية حماية الديبلوماسيين الاميركيين في البلاد، كما يقدمون خدمات امنية لعدد من الشركات الاجنبية. وقال الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان «العراق لا يريد ان تتوسع اعمال الشركات الامنية هنا». وأضاف «نشعر بأن على العراق ان يمارس حياته اليومية في شكل طبيعي. اي اننا لا نريد ان نرى عشرات الشركات الامنية تتولى مهام وزارة الداخلية». وأوضح ان «العراق لا يملك تاريخاً جيداً مع الشركات الامنية، خصوصاً بلاك ووتر، ولا نريد ان نكرر ما جرى (...) ولذلك نود ان نحد من نشاطها لكننا لا نسعى الى ايقافها» عن العمل. وزاد ان «على الشركات الامنية ان تدرك انها لا تملك الحرية (التنقل) في البلاد، وعليها اتباع التعليمات والعمل وفق تراخيص صحيحة والا تخرق القانون». وشدد على ان هذه الشركات «لم تعد متفلتة من القوانين مثل السابق، ولا تملك اي نوع من الحصانة». وتستقطب قضية الشركات الامنية اهتمام لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب. وقال النائب عن «دولة القانون» عباس البياتي: «بعد التباحث مع وزارة الداخلية توصلنا الى ان هناك حوالى 65 شركة امنية، اكثر من نصفها عراقية والبقية اجنبية بينها اميركية او اوروبية او من جنوب افريقيا وغيرها». وأضاف: «شكلنا لجنة مصغرة من اربعة نواب للبحث في عمل الشركات الامنية والتراخيص الممنوحة لها». وأكد ان «اللجنة تقوم بدراسة وضع شروط لمنح تراخيص لعمل هذه الشركات»، موضحاً «السلاح مثلاً لا نريد ان يكون لهذه الشركات ان تملك سوى اسلحة خفيفة وان تكون مساحة حركتها محدودة». بدوره، قال النائب اسكندر وتوت، عضو لجنة الامن والدفاع ان «عدد عناصر الشركات الامنية الاجنبية والعربية كبير، وهذا الامر يؤثر سلباً في الوضع الامني للبلاد». وأضاف «سنقوم بمتابعة الشركات التي نشكك بأنها لا تعمل وفق الاسلوب الصحيح وتخالف السياقات الامنية في البلاد». وأوضح «ستكون هناك شروط محكمة من اجل حماية الامن وليس طرد هذه الشركات». واكد ان «لجنة الامن والدفاع لديها الحق باقصاء اي شركة لا تعمل وفق السياقات الصحيحة». وكان وكيل وزارة الداخلية عدنان الاسدي قال في تصريح نقله تلفزيون «العراقية» الحكومي ان «قضية الشركات الامنية خطيرة وعلينا السيطرة عليها». الا انه اشار في الوقت ذاته الى ان هذا الامر يحتاج الى «خمس سنوات على الاقل» لتثق الشركات الاجنبية العاملة في البلاد بقدرة قوات الامن العراقية على حمايتها. ويتحدث رئيس المنظمة الدولية لعمليات الاستقرار دوغ بروكس، الذي تضم منظمته شركات تعمل لحماية السفارة الاميركية وديبلوماسييها في العراق، عن «التأخير والتضييق على طلبات حيازة الرخص والتأشيرات». وأرسلت المنظمة الدولية لعمليات الاستقرار رسالة الى وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون تشتكي فيها من ان «قلة التأشيرات وصعوبة تجديد بعضها، تعرقل عمل شركاتنا في العراق (...) وقد ادى هذا الامر الى توقيف وطرد عدد من الموظفين». وأشارت الرسالة الى ان «المهمات الامنية الحائزة على الموافقة تخضع بدورها للعرقلة، ويتم اعتقال عناصر وتصادر معدات من دون مبرر، ما يؤثر في عملية نقل المعدات والمواد اللازمة الى السفارة الاميركية والقواعد والمكاتب». وكان مركز ابحاث في الكونغرس اعلن في ايار (مايو) ان وزارة الخارجية تقدر ان اعداد المتعاقدين الامنيين الذين يعملون لديها سيصل الى 5500 عنصر. وفيما اعرب بروكس عن امله في ان تولي الحكومة الاميركية وسفارتها في العراق اهتماماً اكبر بهذه المسألة، قال الناطق باسم السفارة مايكل ماكليلان إنها «مطلعة على العقوبات التي يواجهها المتعاقدون الامنيون». وأوضح ان السفارة «تعمل مع الحكومة العراقية والمتعاقدين على ضمان ان يلتزم القادمون الى العراق قوانين الهجرة». وعلى رغم ذلك، يبدى بوكس تشاؤماً حيال امكان تصحيح هذه المسألة قريباً، ويصف العمل في هذا المجال الامني في العراق بانه بات «اصعب من العمل في منطقة حرب».