لم تنج الصناعات المبتكرة مثل الطاقة المتجددة من آثار على أزمة الائتمان والركود العالمي، إذ اهتزت شركات تعمل في هذا القطاع، جراء الاضطراب الاقتصادي، لكنها تقاوم حالياً من خلال اتباع سياسة التوحيد الهيكلي. لكن توقع تقرير أصدره مصرف بنك «ساراسين» امس، أن يستفيد قطاع الطاقة المتجددة من الأزمة الحالية، من خلال حرص دول العالم على حماية المناخ وتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة. ويجري حالياً تغذية الطلب بتنفيذ حزم حفز حكومية ومن خلال تخصيص شركات الكهرباء. أكد التقرير انه «إضافة إلى الآفاق الصلبة على المدى الطويل، توجد إشارات إيجابية على المدى القصير، من خلال خطط الحفز الحكومية، وبرامج الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتقدر الاستثمارات بموجبها بنحو 180 بليون دولار. وتوقع التقرير أن تنفذ برامج استثمار بقيمة 40 بليون دولار خلال السنة الحالية، تليها برامج أخرى ب 75 بليوناً في 2010. وسجل القطاع نمواً كبيراً خلال العام الماضي، بزيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة إلى 40 جيغا واط. وللمرة الأولى أنجزت مشاريع لمصادر الطاقة المتجددة أكثر من التقليدية في كل من أوروبا والولايات المتحدة. وارتفع معدل نمو الطاقة الضوئية في العالم بمعدل 125 في المئة، بينما ارتفعت طاقة الرياح 42 في المئة. وعلى رغم النمو القياسي، فإن أسعار أسهم شركات الطاقة المتجددة، انحسرت خلال 2008 بسبب الأزمة المالية والركود الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط وتنامي القدرة الفائضة. وأكد التقرير أن اتجاه القطاع بات اكثر وضوحاً في الربع الأول من 2009، إذ انهارت أسعار اسهم القطاع بالتزامن مع انخفاض الطلب على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في شكل كبير. وتجتاز مصادر الطاقة المتجددة مرحلة التوطيد في العالم. ويقدم تقرير نشره بنك سارسين حول أحدث بحوث الاستدامة، تحت عنوان الطاقة المتجددة، نظرة ثاقبة حول واقع السوق والآفاق المستقبلية لمختلف التكنولوجيات والأسواق والشركات العاملة في مجال مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة الضوئية. وسيكون للمرافق الكهربائية تأثير كبير على استقرار الطلب. من حيث الحصول على ما يكفي من استثمارات لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة. ولاحظ التقرير أن انتقاداتٍ «أثيرت حول الآفاق المستقبلية لمصادر الطاقة المتجددة، مثل الإدعاء بأن التكلفة اللازمة لتصنيع وحدات «فولط» ضوئية أكبر من الطاقة المنتجة، علماً أن التطورات التكنولوجية الكبيرة جعلت خفض تكاليف إنتاج الطاقة ممكنة، فهي الآن أقل بقليل مما كانت قبل عامين. أو أن النظام الكهروضوئي ينتج الكهرباء خلال 20 أو 25 سنة وفي الواقع فإن توربينات الرياح تنتج في 20 سنة من الخدمة تقري أكثر ب 35 مرة من الطاقة المستخدمة في إنتاج هذا النظام. وثمة انتقاد يتعلق باعتماد الطاقة المتجددة على الأحوال الجوية. علماً انه يمكن تخزينها، ويملك الاتحاد الأوروبي من القدرة المخزنة 100 جيغاواط لسد أي عجز ينجم عن ضعف الرياح أو الشمس في إنتاج الكهرباء. ولدى سويسرا على وجه الخصوص عدد كبير من خزانات المياه الاحتياطية، ما ينبئ بفرص تجارية لتوليد الكهرباء. وعلى رغم الاضطرابات الحالية التي تؤثر سلباً على نتائج الأعمال لعام 2009، لاحظ التقرير أن آفاق القطاع طويلة الأجل لا تزال قوية لتكنولوجيات الطاقة المتجددة الفردية، ورسم صورة مشرقة للقطاع خلال السنة المقبلة. وتشمل العوامل المرتبطة بالطاقة المتجددة، الحد من انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وخفض الاعتماد على واردات النفط والغاز، لذلك فإن الاتجاه الأكبر في السوق يميل لمصلحة الطاقة المتجددة رغم الاضطرابات الحالية. ويكاد هذا الميل الكبير يكون مدعوماً من السياسات العالمية. ظهر ذلك من خلال الإقرار الأولي لإنشاء الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا) التي تعمل بمثابة مستشار لكل الدول الصناعية والبلدان النامية، ومركز الخبرات للقضايا المتعلقة بالطاقات المتجددة وتمويلها.