واشنطن - أ ف ب - بعدما أطلقت الجمعية الأميركية للطب النفسي «أيه بي أيه» مشروعاً يهدف إلى إعادة تحديد المعايير التي تعرف التوحّد، يخشى أطباء الأمراض النفسية والعصبية والمؤسسات الخاصة أن تستثني المصطلحات الجديدة عدداً كبيراً من الأطفال المصابين بأشكال مختلفة من التوحد. ويؤدي هذا الاستثناء إلى حرمان هؤلاء الأطفال من خدمات المساعدة الاجتماعية والطبية والمدرسية بما أن ضمان المرض والبرامج الحكومية يستند إلى التعريف الذي تضعه الجمعية الأميركية للطب النفسي، للأمراض. وفي الدليل التشخيصي الإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية، توصي مجموعة العمل التابعة للجمعية بجمع كل أشكال التوحد في فئة واحدة بعنوان «اضطراب طيف التوحد». وبالتالي، فإن الأمراض الأخرى المشخصة حتى اليوم مثل «متلازمة أسبرجر» التي تؤثر في النمو وفي التفاعل الاجتماعي لدى الأطفال، لن تعتبر من الآن فصاعداً أمراضاً محددة بل أشكالاً مختلفة من التوحد. وتشرح الجمعية أن المعايير المقترحة لتعريف التوحد تحدد درجات الخطورة الخاصة بمرض هو في الأساس واحد. ويؤكد الدكتور جيمس سكالي مدير الشؤون الطبية في الجمعية أن «المعايير المقترحة ستؤدي إلى تشخيص أكثر دقة وستساعد الأطباء على تقديم علاجات أفضل». لكن الباحث فريد فولكمار يعتبر أن هذا المشروع قد يستثني 60 في المئة من الأولاد المصابين بمتلازمة أسبرجر. ولا تؤدي هذه المتلازمة إلى صعاب في النطق، وتسهل بالتالي العلاج والتعلم، خلافاً لمرض التوحد الكلاسيكي. وتوصل فولكمار إلى هذا الاستنتاج من خلال تطبيق المعايير السريرية الجديدة التي اقترحتها الجمعية على دراسة أجراها عام 1993 تناولت أطفال متوحدين مصابين بمتلازمة أسبرجر وبأشكال أخرى مختلفة من التوحد. ويشرح: «لقد راجعنا البيانات القديمة وقرأنا التعريف الجديد للتوحد فجاءت النتائج مثيرة للقلق... فالتعريف الجديد يستثني 60 في المئة من الأولاد المصابين بالتوحد وعلى الجمعية أن تأخذ مخاوفنا في الاعتبار». أما الباحثة جيرالدين داوسن المسؤولة العلمية في «أوتيزم سبيكز»، كبرى المؤسسات الخاصة في العالم المعنية بإجراء أبحاث حول التوحد، فتقول: «من المبكر أن نحدّد ما إذا كان النظام الجديد يستثني بعض المرضى. لكنها مسألة ينبغي حلها للتأكد من أن الأطفال والبالغين ينالون المساعدة التي يحتاجون إليها». وتشير إلى أن جمعية علم النفس الأميركية أنهت دراسات شملت عدداً محدوداً من المرضى، موضحة أن مؤسستها «ستمول بحثاً أكثر شمولية من شأنه أن يحدد بدقة سبل تطبيق معايير التشخيص الجديدة» على أنواع التوحد الثانوية المختلفة. وتقول إنه لا ينبغي إضاعة الوقت لأن لجنة الجمعية ستنتهي من وضع المعايير الجديدة بحلول كانون الأول (ديسمبر) المقبل وتعتزم نشرها في ربيع 2013. ويشير الطبيب الفرنسي إريك فومبون إلى أن هذه التعديلات كانت متوقعة منذ مدة، لأن الدراسات التي أجريت في السنوات الخمس عشرة الأخيرة والتي شملت عائلات تضم أولاداً عدة مصابين بالتوحد بدرجات خطورة مختلفة، تظهر بوضوح أن «متلازمة أسبرجر» هي شكل مختلف من التوحد.