باريس - أ ف ب - اكتشف أخيراً كوكب جديد قد يكون قابلاً لنشوء الحياة عليه، يضاف إلى أكثر من 750 كوكباً تدور حول نجمات أخرى غير الشمس رصدت في ربع القرن الأخير. فهل الحياة قائمة في مكان آخر غير الأرض؟ وهل هي حياة عاقلة وتتمتع بحضارة متقدمة؟ قبل نصف قرن لخّص عالم الفلك الأميركي فرانك درايك في معادلة كل العناصر المجهولة، من النجوم التي لها كواكب، إلى احتمالات أن تكون متطلبات الحياة قائمة، وحتى إمكان وجود حياة عاقلة وحضارة تكنولوجية. لكن هل إن التقدم المحرز في الفترة الأخيرة سمح بإلقاء مزيد من الضوء عليها؟ تقول فلورانس رولان-سيسرو، من المتحف الوطني الفرنسي للعلوم الطبيعية، إن عدد النجوم التي تمتلك كواكب «كان يعاني من سوء تقدير كبير». وكان المتحف جمع قبل أسابيع قليلة في باريس علماء فلك وكيمياء وأحياء وأناسة للبحث في معادلة درايك. وأظهرت دراسة نشرت في كانون الثاني (يناير) الماضي، أن عدد الكواكب في مجرتنا أكبر من عدد النجوم فيها. ومن أصل 755 كوكباً خارج النظام الشمسي، أي تلك التي تدور حول نجمة أخرى غير الشمس رصدت منذ عام 1995، تقع أربعة منها في منطقة « قابلة للسكن» حول شمسها، أي حيث يمكن للمياه أن تتوافر في شكل سائل على السطح. فهل ينبغي توسيع إطار هذا التعريف وإدخال مفهوم الكواكب «القابلة لأن تنشأ عليها الحياة»، كما في معادلة درايك، بما يسمح بأن يأخذ العلماء في الاعتبار وجود غلاف جوي؟ وتؤكد رولان-سيسرو أن «المياه هي شرط الحد الأدنى، وبعدها تأتي بقية العناصر». ويبقى السؤال الأساس: على أي قسم من هذه الكواكب «القابلة لأن تنشأ عليها الحياة» تظهر عناصر الحياة فعلاً؟ والجواب هو أن هذا متوافر في نحو 50 في المئة من كواكب النظام الشمسي إذا ما اعتبرنا أن وحدهما الأرض والمريخ قابلان لأن تنشأ عليهما الحياة. لكن الجواب يكون أقل تفاؤلاً إذا أخذنا في الاعتبار أقمار النظام الشمسي التي تضم محيطات داخلية. فثلاثة أقمار تدور في فلك كوكب المشتري، وهي أوروبا وغانيمادس وكاليستو، تتمتع بمحيطات يغطيها الجليد تماماً مثل تيتان وانسيلادوس، قمرا زحل على ما يقول فرنسوا رولان رئيس الجمعية الفرنسية لعلم الأحياء الفلكي. والنجوم التي تدور في فلك كواكب عدة ضخمة خارج النظام الشمسي، قد تكون أيضاً «قابلة للسكن». وقد يكون 27 قمراً تندرج في إطار هذه الفئة في تصنيف أعده مختبر جامعة بورتوريكو-اريسيبو. لكن ما أن تظهر الحياة، ما هي فرص أن تتطور إلى شكل ذكي عاقل؟ تقول رولان-سيسرسو: «يعتقد بعضهم أنه في البداية يكون التطور عشوائياً بعض الشيء أو عارضاً. وبعدها تكون هناك قيود مادية وبيوكيماوية ولا يكون التطور بعدها عشوائياً». ولتقويم فرص رصد مؤشرات في الفضاء صادرة عن مخلوقات عاقلة أخرى، دعا فرانك درايك إلى الأخذ في الاعتبار ثابتتين غير أكيدتين أيضاً، وهما: هل أن التطور الاجتماعي يؤدي إلى مجتمع تكنولوجي؟ وما هي الأرجحية؟ وما هي مدة حضارة قادرة على التواصل في الفضاء؟ وكانت الحسابات الأولى أدت إلى وضع برنامج رصد يحمل اسم «سيتي» (البحث عن ذكاء في الفضاء الخارجي). ومع استمرارهم في رصد السماء في كل الاتجاهات، بات علماء الفلك يركزون أيضاً على الكواكب من خارج النظام الشمسي التي تثير «اهتماماً في مجال علم الأحياء الفلكي»، على ما توضح رولان-سيسرسو.