تشهد مصر تغيرات سياسية ربما تؤدي إلى تحسن ملموس في كفاءة السياسة الاقتصادية وشفافيتها، ما سيؤثر حتماً في الأحوال المعيشية للمواطنين. وهذه التطورات، سواء على الساحة المحلية أو الإقليمية، ستُنتج تحديات كبيرة أمام الاقتصاد المصري لكن من المبكر تحديد أثرها على النواحي الاقتصادية والمالية. وتوقع الخبير في الشؤون الاقتصادية والسياسية عمرو العراقي، أن يشهد الاقتصاد المصري تحولاً في السياسات المتبعة خصوصاً بعدما أصبحت التيارات الإسلامية متصدرة المشهد السياسي، بامتلاكها الغالبية التشريعية في البرلمان، ما يعكس ترقّب تحولات جذرية خصوصاً بعدما كرّر ممثلون لهذه التيارات في تصريحات، السعي في اتجاه التحول إلى الاقتصاد الإسلامي للعمل على إنعاش الاقتصاد المصري، وتحقيق مطلب العدالة الاجتماعية الذي نادت به «ثورة 25 يناير». وأكد أن قطاع الخدمات المالية الإسلامية على مستوى العالم تمكّن حتى الآن من التغلب على التحديات التي فرضتها أزمة المال العالمية، مشيراً بذلك إلى الإنجازات الكثيرة التي حققها في السنوات الأخيرة خصوصاً عام 2010 والنصف الأول من عام 2011. إذ زادت قيمة الأصول الإسلامية لتصل إلى نحو ترليون دولار نهاية عام 2010 مرتفعة من 150 بليوناً في منتصف تسعينات القرن الماضي وبنمو سنوي بلغت نسبته نحو 20 في المئة. وأشار العراقي إلى أن أبرز الإصلاحات المرتقبة للاقتصاد المصري، هي الدفع في اتجاه تطوير سوق الصكوك التي تُعد عنصراً رئيساً لسوق رأس المال الإسلامي، والهيكل الثاني بعد الأسهم». وأكد أن الأولى نمت بمرور السنوات، لتصل قيمتها إلى 161.5 بليون دولار أي 13.9 في المئة من الأصول المالية الإسلامية العالمية في النصف الأول من عام 2011. وسيطرت منطقة جنوب - شرق آسيا في هذه الفترة على إصدارات الصكوك بنسبة 70.4 في المئة من الإجمالي، بينما بلغت قيمة الإصدارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 27.3 في المئة. وعن إعلان حزب الحرية والعدالة في برنامجه التشريعي، وتحديداً ما يتعلق بفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية للبورصة بنسبة 3 في المئة للأموال التي تخرج من السوق خلال فترة تقل عن 6 أشهر، رأى العراقي ضرورة إتاحة فرصة أكبر للنقاش المجتمعي في شأن التأثير المتوقع من فرض مثل هذا النوع من الضرائب، بما يضمن عدم إلحاق الضرر بالأوضاع الاستثمارية في البورصة المصرية، التي نجحت في الأعوام الماضية في إدارة استثمارات ل1.7 مليون مستثمر، غالبيتهم من الأفراد المصريين بتعاملات سنوية بلغت قيمتها نحو 400 بليون جنيه وبرسملة في السوق تمثل نحو 50 في المئة من الناتج المحلي. وأعلن خبير الصيرفة الإسلامية مجدي عبدالفتاح، أن مصر لا تحتاج إلى اللجوء للاقتراض من الخارج «خصوصاً أننا نملك آليات وأنظمة أخرى مثل الاقتصاد الإسلامي». وسأل ما هو المانع من اللجوء إليه في ظل تدهور الوضع الاقتصادي. وشدد على ضرورة أن تضع المؤسسة التشريعية قانوناً خاصاً بالصيرفة الإسلامية وتنظم آليات الاقتصاد الإسلامي للخروج بمصر من تلك الأزمة، موضحاً أن وجود بنية تشريعية تسمح بالمعاملات الإسلامية سيحقق إيجابيات كثيرة، منها استقطاب الأموال الخليجية غير الراغبة إلا في التعامل بالآليات الإسلامية. كما ستجذب الأموال الساخنة مرة أخرى فضلاً عن وجود شريحة مهمّشة تتجاوز نصف المجتمع وترغب في التعامل بالأدوات المالية الإسلامية، والتي ستنتفض بمدخراتها الكبيرة لإنقاذ الاقتصاد المصري. وعن تبني الاقتصاد الإسلامي، لفتت المديرة التنفيذية والبحوث في المركز المصري للدراسات الاقتصادية ماجدة قنديل، إلى أن التحول كلياً إلى النموذج الإسلامي في المصارف، ربما يحتاج إلى منهج عمل يتيح عملية الانتقال تدريجاً، لأن التحول في مدة قصيرة ربما يخنق النظام المصرفي، ويتسبب بأضرار كبيرة للاقتصاد القومي. وأوضحت أن المصارف الإسلامية أتاحت مقداراً أكبر من الشمولية في تأمين التمويل المطلوب لقطاع عريض من المحتاجين، من طريق دخول المصرف كشريك في المشروع بحصته من التمويل، ومن خلال تطبيق مفهوم الوساطة المالية القائم على مبدأ المشاركة في الأرباح والخسائر بين المصرف وصاحب المشروع.