أعلن مركز الخطوط في مكتبة الإسكندرية انتهاءه أخيراً من توثيق ما يزيد على 850 نقشاً كتابياً من النقوش الأثرية في مكةالمكرمة في إطار مشروع «المكتبة الرقمية للنقوش والخطوط». وقال مدير المركز الدكتور خالد عزب، إن تلك النقوش تسرد تاريخ هذه المدينة المشّرفة، وتبين أهم أعمال الملوك والسلاطين الذين اهتموا بتجديد وإصلاح وتشييد العناصر المعمارية المختلفة، سواء داخل الحرم المكي أم بين أرجاء المدينة. وأكد أن تلك النقوش الأثرية تتمتع بقدر كبير من الأهمية، نظراً إلى ما تحمله من قيمة دينية وتاريخية ودلالات حضارية وفنية تعكس تاريخ المدينة على مر العصور، وتطور النقوش الكتابية فيها. وأضاف أن التوثيق يبدأ من داخل الحرم المكّي، حيث تستعرض المكتبة نقوش كسوة الكعبة الشريفة، وستارة الكعبة وباب الكعبة الحالي الذي أمر بصنعه الملك خالد بن عبد العزيز عام 1397 هجري، وكذلك كيس مفتاح باب الكعبة الذي يرجع إلى عهد الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود عام 1391 هجري، و«ميزاب الكعبة»، وهو الجزء المثبت على سطح الكعبة في الجهة الشمالية المُصرف للمياه المتجمعة على سطحها والمؤرخ بعام 1273 هجري. وذكر عزب أن المركز قام بتوثيق الكتابات الموجودة على مجموعة من مفاتيح وأقفال باب الكعبة المشرفة، وهي من أندر المجموعات التي يقتنيها متحف سراي طوب قابي في إسطنبول، ويبلغ عددها نحو 53 مفتاحاً وقفلاً لباب الكعبة، مؤكداً أن الكتابات الموجودة على الكسوة، والأبواب، والمفاتيح والأقفال تمكننا من تتبع التطور الذي مر به الحرف العربي وتبين مدى كماله. وأشار إلى أن المكتبة تضم نقوش اللوحات الرخامية التي توجد في منطقة بئر زمزم وداخل الكعبة المشرفة، فضلاً عن العديد من النقوش التي تؤرخ تجديد أو توسعة بناء الكعبة للملوك والسلاطين على مر العصور مثل السلطان أبو جعفر المنصور، برقوق، برسباي، قايتباي، ومحمد خان وغيرهم، وأيضاً نقوش مقام النبي إبراهيم عليه السلام. وقالت رئيسة وحدة البحوث والنشر في مركز الخطوط المسؤولة عن المكتبة الرقمية عزة عزت، إنه تم توثيق نقوش أماكن أخرى كان لها بالغ الأثر في تاريخ مكةالمكرمة، ومنها منطقتا غار ثور وغار حراء اللتان ارتبطتا بأهم أحداث السيرة النبوية العطرة، كذلك نقش تجديد دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهو المكان الذي احتضن الدعوة الإسلامية في مرحلتها السرية. وأوضحت أنه تم توثيق نقوش تأسيسية أخرى لمساجد مهمة في مكة مثل مسجد البيعة، مسجد الإجابة، ومسجد السيدة عائشة رضي الله عنها، وأيضًا نقوش تأسيس العديد من الآبار التاريخية التي تم حفرها في مكة، والمنشآت المدنية مثل الأسبلة والدور والمدارس. وأكدت أن المكتبة الرقمية قامت بتوثيق وتسجيل المجموعة الكاملة لشواهد قبور مقبرة المعلاة في مكةالمكرمة والتي تحوي أجساد شخصيات تاريخية من صحابة، وتابعين وعلماء وتزخر بعدد هائل من شواهد القبور التي تزيد على 645 شاهد قبر، وتعكس تطور الخط الكوفي حتى أواخر العصر الأيوبي. وأضافت أنه تم توثيق نقوش دروب الحجيج القديم من خلال النقوش الصخرية المختلفة التي تعود إلى القرون الأولى من الدعوة الإسلامية في مناطق عرفات، والشعراء، والعسيلة والعديد من المناطق الأخرى. يُذكر أن «المكتبة الرقمية للنقوش والخطوط» تعد سجلاً رقميّاً للكتابات الواردة على العمائر والتحف الأثرية عبر العصور. وتهدف المكتبة إلى إتاحة دراسة النقوش والخطوط والكتابات في العالم عبر العصور، منذ عصور ما قبل التاريخ حتى العصر الحالي، في مختلف أنحاء العالم برؤية جديدة من خلال إنشاء مكتبة رقمية متكاملة للنقوش الأثرية المختلفة من أجل الحفاظ على التراث الحضاري والتاريخي للآثار، وإتاحة النقوش الكتابية الأثرية المختلفة عبر العصور داخل مصر وخارجها للعلماء والباحثين.