تشهد المسلسلات التلفزيونية التي تتصدى لتنفيذها جهات الإنتاج الحكومية في مصر («قطاع الإنتاج» و»صوت القاهرة» و«مدينة الإنتاج الإعلامي») اعتذارات بالجملة أو ما يمكن أن يطلق عليه «هروباً جماعياً» لعشرات الفنانين الذين انتقلوا على مدار الأعوام الماضية إلى البطولة المطلقة. وتمحورت أسباب هذه الاعتذارات حول المقابل المادي الضعيف الذي يُرصد كأجور للفنانين الذين يرون أنها تقل كثيراً عن أجورهم في جهات الإنتاج الخاصة. وهناك أسباب أخرى قد تكون أهم بكثير، أدت إلى عملية الهروب هذه، يأتي في مقدمها أن المسؤولين عن الإنتاج في القطاعات الحكومية يتعاملون مع الدراما بمنطق «السبوبة» التي تملأ فراغ الاستوديوات التي يملكونها، إضافة إلى تشغيل الأيدي العاملة لديهم من فنيين وعمال إضاءة وديكور وملابس وغيرها، ما ينعكس في اختياراتهم للنصوص التي تفتقد الجودة المطلوبة، كما انهم لا يبذلون أي مجهود لتسويقها بالشكل الأمثل، على رغم وجود إدارات تسويق كبيرة لديهم. والدليل أن المسلسلات التي انتجتها «صوت القاهرة» و «مدينة الإنتاج» في رمضان الماضي، ومنها «لحظة ميلاد» لصابرين وكمال أبو رية، و «مسألة كرامة» لحسن يوسف وعفاف شعيب وريم البارودي، و «تلك الليلة» لحسين فهمي وعزت أبو عوف وداليا مصطفى، و»نور مريم» لنيكول سابا وياسر جلال ويوسف الشريف، و «عريس دليفري» لهاني رمزي، عُرضت على استحياء عبر قنوات التلفزيون المصري، ولم تفكر أي من الفضائيات العربية أو المصرية الخاصة في شراء أي منها لعرضها في رمضان، ربما لقناعتهم، انطلاقاً من تجربة الأعوام الماضية، بأن هذه الجهات تنتج دراما أفسدها هوى المسؤولين، إذ لم يعد الفيصل في اختياراتهم جودة النصوص، ولكن علاقات الشللية والقرابة، ما أدى، بالتالي، إلى انصراف شركات الإعلانات عن هذه الأعمال بدعوى أنها لا تمثل عناصر جذب للجمهور. من هنا يبدو التكرار في وجوه الممثلين، سمة الأعمال التي ينتجها القطاع العام. وها هي صابرين تشارك مع داليا مصطفى وروجينا ومحمد الشقنقيري وطارق لطفي وروجينا وتهاني راشد وميمي جمال في بطولة مسلسل «ورد وشوك» من تأليف ماجدة خير الله وإخراج تيسير عبود وإنتاج شركة «صوت القاهرة» التي واجهت اعتذارات كثيرة من فنانين رُشحوا لبطولة مسلسل «النار والطين» قبل أن تُسند البطولة إلى ياسر جلال وميس حمدان وسوسن بدر ومادلين طبر وتأليف أنور عبد المغيث وإخراج أحمد فهمي عبد الظاهر. وتعرّض مسلسل «ابن ليل» من إنتاج الشركة ذاتها لاعتذارات بالجملة قبل أن يستقر على مجدي كامل الذي كان رفض التعاون مع الشركة في مسلسلين آخرين هما «النار والطين» والجزء الثاني من «حضرة الضابط أخي» بدعوى قلة الأجر المعروض عليه. وبعدما اعتذرت فنانات كثيرات عن البطولة النسائية عن «ابن ليل» كانت آخرهن بسمة، أسند الدور إلى التونسية فريال يوسف، والمسلسل من تأليف طارق بركات وإخراج إسماعيل عبد الحافظ الذي كان الجميع يحرص على التعاون معه لبراعته في إعادة اكتشاف النجوم والدفع بالوجوه الشابة إلى أمام، كما حصل في مسلسلاته «الشهد والدموع» و «ليالي الحلمية» و «امرأة من زمن الحب» و «المصراوية» وغيرها. وفي الوقت الذي لا يزال مسلسل «حضرة الضابط أخي 2» يواجه اعتذارات عدد من الفنانين كان آخرهم المغني خالد سليم، وهو ما يهدد بعدم تنفيذه، استقر المخرج خالد بهجت على نرمين الفقي وكمال أبو رية وسامي العدل وإيناس مكي ونهلة سلامة لتجسيد بطولة مسلسل «لعبة السنين». أما مدينة الإنتاج الإعلامي فتكرر استعانتها بهاني رمزي للعام الثالث على التوالي بعدما قدم معها في العامين الماضيين «عصابة بابا وماما» و»عريس دليفري»، إذ تحضّر له مسلسلاً جديداً عنوانه «ابن النظام» علماً أن أكثر من فنانة اعتذرت عن المشاركة في بطولته. وبعد تأجيلات لأكثر من ثلاثة أعوام بدأت الشركة في تنفيذ مسلسل «ابن موت» من تأليف مجدي صابر وإخراج سمير سيف وبطولة خالد النبوي الذي وافق على بطولته بعد اعتذار كريم عبدالعزيز وهاني سلامة ومصطفى شعبان. والحال ذاتها تتكرر في «قطاع الإنتاج» الذي عادت عجلة الإنتاج فيه إلى الدوران بعدما وقفت العام الماضي بسبب تداعيات ثورة 25 يناير، إذ نفذ القطاع مسلسلاً من 15 حلقة هو «أشجار النار» لفتحي عبد الوهاب ومحمد نجاتي وداليا مصطفى وعبير صبري وإخراج عصام شعبان. ويصور له حالياً مسلسل «بنات في بنات» لرانيا فريد شوقي وأحمد سعيد عبد الغني ومحمد الشقنقيري وإخراج أمل أسعد، كما يستعد لتنفيذ مسلسل «الإمام الغزالي» لمحمد رياض ونرمين الفقي وأحمد خليل وأشرف عبد الغفور وطارق دسوقي وأحمد وفيق وإخراج إبراهيم الشوادي.