نيقوسيا - ا ف ب - عندما وافق مدرب ليدز يونايتد سابقاً هوارد ويلكينسون على بيع الفرنسي اريك كانتونا إلى مانشستر يونايتد عام 1992 في مقابل 1.5 مليون جنيه إسترليني، كان يعتقد أن نجمه الذي كان منبوذاً في بلاده آنذاك قدم كل ما لديه لفريقه بعد أن أسهم بالتتويج المحلي لليدز، وبالتالي فهو لن يضيف شيئاً جديداً لفريقه الجديد. لكنه لم يكن يدري أنه قدم بالفعل صفقة العمر لمدرب مانشستر أليكس فيرغوسون الذي وجد في كانتونا ضالته المنشودة، ليبني عليه مستقبل يونايتد كلاعب فنان وملهم وصاحب روح عالية يتمناها أي مدرب في لاعبيه. وأثبتت الأيام فعلاً أن كانتونا كان هو من يبحث عنه فيرغوسون، فعاد يونايتد إلى منصات التتويج، خصوصاً في الدوري المحلي بعد غياب 26 عاماً، ولا شك أنه لولا روح المغامرة التي امتلكها فيرغوسون لما وصل ليكون أعظم مدرب في تاريخ الكرة الإنكليزية، بل إن البعض يراه الأعظم على الإطلاق في الكرة العالمية، لأنه لا يوجد أحد حقق ما حققه فيرغوسون على مدار أكثر من عقدين من الزمن مع يونايتد، بخلاف فترته الرائعة التي أمضاها قبل ذلك مع ابردين الاسكوتلندي، إذ أفرز كل ذلك أكثر من 30 لقباً أحرزها طوال تاريخه الممتد إلى إشعار آخر. وروح المغامر هذه هي التي فاجأت كل أوساط الكرة يوم الجمعة الماضي عندما انهى السير اليكس فيرغوسون صفقة انضمام أكبر فلتة إنكليزية في آخر 15 سنة، وهو الهداف الكبير مايكل اوين الذي لا يختلف اثنان على موهبته الكبيرة كهداف ومهاجم من الطراز الأول، إلا أنه منذ خروجه من فريقه الذي قدمه للعالم وهم المنافس الأشد ليونايتد ليفربول واتجه صوب العاصمة الإسبانية ثم عاد بسرعة إلى إنكلترا، ليس لفريقه الأم وإنما اتجه صوب الشمال الشرقي ليخوض تجربة حكم عليها بالفشل من بدايتها وحتى نهايتها مع نيوكاسل يونايتد، انتهت بهبوط الأخير إلى مصاف أندية الدرجة الأولى. ولا شك أن رصيد أوين كهداف ومهاجم يسيل لعاب أي مدرب من أجل التعاقد معه، فأوين الفائز بالكرة الذهبية عام 2001 لا يزال حتى الآن سابع أفضل هداف في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز على رغم أنه لم يلعب إلا 216 مباراة سجل خلالها 144 هدفاً، منها 118 هدفاً مع الأحمر الأم و26 مع نيوكاسل، وحتى مدربه الحالي فيرغوسون اكتوى من نار أهدافه في لقاء الأحمرين الأعرق على الإطلاق في إنكلترا، إذ سجل اوين لليفربول في شباك يونايتد ستة أهداف، منها هدف في نهائي كأس المحترفين عام 2003. ولدى اوين الفرصة، متى ما أثبت أن فيرغوسون كان محقاً بالتعاقد معه، أن يصبح رابع أفضل هداف في تاريخ الممتاز، وبإمكانه، لو رمى إصاباته التي هددته حتى بالاعتزال وراء ظهره، أن يتخطى ثلاثة من الذين تركوا الممتاز واعتزلوا وهم ليس فرديناند وروبي فاولر وتيدي شيرينغهام، ولو تجاوزت أهدافه مع يونايتد الثلاثين هدفاً فسيصبح الثالث على الإطلاق ويتخطى أسطورة أرسنال تييري هنري، ولا يصبح أمامه سوى المعتزلين أيضاً آلن شيرر واندي كول، ويضاف الى كل ذلك سجل دولي رائع، فهو أكثر مهاجم مرشح لكسر رقم بوبي تشارلتون في الأهداف الدولية، وهو يرى ان بروزه مع يونايتد طريقه نحو بوابة المدرب فابيو كابيللو في المنتخب الانكليزي، بعد ان سجل 40 هدفاً من قبل ولم يعد يفصله إلا تسعة أهداف، ليعادل السير بوبي تشارلتون. وبدأ السير بالتفكير في التعاقد مع أوين في اليوم التالي من ضياع صفقة كريم بنزيمة الذي أغراه في النهاية القميص المدريدي الأبيض، فهو يعرفه حق المعرفة ويدرك انه متى ما كان في قمته فلا احد قادر على إيقافه، وان ما حصل معه في نيوكاسل لا يعني أبداً نهايته كلاعب، فالإصابات لعبت دوراً، كما ان وضع نيوكاسل كان مزرياً للغاية فلم يكن أوين هو الساحر القادر على إنقاذه، وفكر السير مع مساعديه من اجل خوض هذه المغامرة التي اعتاد على خوضها من قبل وكانت من النادر ألا تنجح، فأوين ما زال صغيراً (29 سنة) ويونايتد لن يدفع بدل انتقال أبداً لأن عقد أوين مع نيوكاسل انتهى، كما ان السير استغل أن أوين لم يعد النجم القادر على فرض شروطه كما كان في السابق، فهو بات بحاجة الى من ينقذ مسيرته كلاعب، فوافق على خفض راتبه الذي أصبح 50 ألف جنيه أسبوعياً، ما يعني انه حتى لو كتب لهذه المغامرة الفشل، فالخسائر لن تكون جسيمة أبداً. ولكن المشككين في إمكان عودة أوين لا يرون ان فيرغسون أقدم على الخيارات الصحيحة، خصوصاً ان الإكوادوري انطونيو فالنسيا ليس بهذا الاسم الكبير الذي يعوض لاعب بحجم كريستيانو رونالدو، لكن السير يذكر أن رونالدو عندما حضر الى يونايتد كان مجرد لاعب يلعب الكرة بمهارة ومن دون تفكير ومع الوقت أصبح ما أصبح، كما انه يرى ان تفاهماً قد يظهر مع الوقت بين ابني البلد أوين وواين روني الذي ينظر إليه ليكون القائد الحقيقي لهجوم يونايتد بعد رحيل رونالدو ومعه النفاثة تيفيز. ومن الواضح ان السير لن يكتفي بالصفقتين، فالسيولة موجودة والآمال أيضاً بضم إما الفرنسي فرانك ريبيري الذي أعلن عن رغبته في ارتداء القميص المدريدي أيضاً، وإما الأرجنتيني سيرخيو اغويرو الذي دفع به يونايتد أكثر من 35 مليون يورو ولا مجيب من اتلتيكو الاسباني حتى الآن. ومن الواضح ان انتدابات السير متركزة حول الصفوف الأمامية، أما في الخلف فلا قلق بعد استمرار فيديتش مع الفريق الى جوار فرديناند والفرنسي باتريس ايفرا والصاعد ايفانز، لكن تبقى مشكلة الحراسة، إذ ان هذه هي السنة الأخيرة للعملاق الهولندي فان دير سار، وذكرت بعض الأخبار ان السير يفكر من الآن في جلب ايكر كاسياس من ريال مدريد، لكن بزوغ نجم الحارس الشاب بين فوستر يجعل فيرغسون يرى ان مرمى فريقه بأيد أمينة، وان هذا الحارس سيكون أفضل هدية يقدمها لكابيللو من أجل عيون المونديال الأفريقي 2010.