«لماذا كل ما هو بسيط وتلقائي وسريع، يُعتبر سطحياً»؟! بهذا السؤال يفتتح مدير إذاعة «مكس اف ام» أحمد طعيمة حديثه، وكأنه يرد عبره على كل ما ورد في حلقة الأمس. يقول طعيمة: «على سبيل المثال، لدينا يومياً برنامج رياضي يستضيف نجوم وخبراء رياضة معروفين يشبعون المشهد الرياضي تحليلاً. لدينا برنامج المستشار، الذي يحفز الشباب على العمل والإنجاز والدخول في مشاريع صغيرة، ويدلهم إلى صناديق يمكنها أن تساعدهم. ويحكي لهم قصص نجاح كثيرة، ويستعمل «أنا أقدر» كشعار. لدينا برنامج النظارة البيضاء، وهو يقدم النصح بأسلوب لطيف، ويتناول السلوكيات العامة ويحاول تطويرها، ويناقش مواضيع مثل التعصب وآداب الحوار والاستئذان، مستنداً إلى التعاليم الدينية... هل تقول لي أن هذه برامج مضمونها خاوٍ؟ أضف إلى ذلك برامج الصحة والرشاقة «كابتن ريما»، وبرنامج الصباح «بنات ستات» الذي قدم فقرات متنوعة... وسواها، كلها برامج تحاول إلقاء معلومة بلغة بسيطة جداً، لكن ليست سطحية». ويرى طعيمة أن «الأخطاء وبعض الفلتات من بعض المذيعين والمذيعات وارد في البداية. أنت تعتمد على كوادر شبابية ليس لديها أدنى خبرة. من الطبيعي أن يتطوروا مع مرور الزمن والمتابعة الدقيقة. بعد عام من الانطلاق، الأمر لم يعد كما كان. هؤلاء الشباب بدأوا يشعرون بقيمتهم وقيمة ما يقولون عند المستمعين. كثير منهم يبذل مجهود متواصل على الإعداد والتحضير والمراجعة قبل الظهور على الهواء. لدينا أكثر من 20 مذيع ومذيعة سعوديين. اكتسب معظمهم خبرة جيدة خلال عام، ستدفعهم المنافسة بين بعضهم البعض وبين المذيعين الآخرين في الإذاعات الأخرى، إلى التطور والتعلم وتقبل النقد. نحن نبني جيلاً جديداً من الإعلاميين. لا يمكن التوقف عند النتائج الشكلية، وما يريده مستمع أو أكاديمي فقط، وإلا لما بنينا جيلاً جديداً من الإعلاميين الشباب». ويرد طعيمة على من قال، إن الإذاعات تتعامل مع الشاب ك«الراقص»، بقوله: «غير صحيح بتاتاً، وهذا يدل على أن من يطلق الأحكام المستعجلة، لا يعطي نفسه حتى فرصة للمتابعة الدقيقة. أولاً: ليس كل الموسيقى راقصة. ثانياً: نحن نقدم نحو 70 في المئة أغانٍ سعودية وخليجية، وهي تمثل ثقافة بلد. هناك أيضاً أغانٍ دينية وتحفيزية وطرب قديم، كل ذلك يعتمد على طبيعة البرنامج». ويستغرب طعيمة متسائلاً: «لماذا لا يجد الباحث عن العمق أو البعد في برنامج (جي بي اس) مثلاً، الذي يحكي عن موسيقى وأغاني المدن، وهو برنامج ترفيهي بلغة بسيطة، يثقف الشباب وله قيمة عميقة»؟! يلخص مدير إذاعة «مكس اف ام» حديثه بالقول: «الأساس أن تحترم الإذاعة التجارية مستمعيها عبر ما تقدمه من محتوى. الإعلان ليس أولاً، بل المحتوى الجيد الذي يجذب المستمع ويسهل مهمة المعلن في الوصول إلى غايته هو الأهم». يقول طعيمة: «نحن أول إذاعة بثت آذان الصلوات الخمس كل يوم، مسبوقاً ومتبوعاً بدعاء. لا يمكننا أن نقول إننا إذاعة تجارية، ولا نحترم المستمع». ويختم حديثه بسؤال: «أولئك الذين يقولون إن الإذاعات كلها غناء، وتخاطب الغرائز، هل استمعوا إلى البرامج ال12 بين اليومية والأسبوعية التي لدينا؟» يجيب: «ربما لا». وفي اتصال هاتفي مع مدير إذاعة «يو اف ام» سامي بن سعيد، الذي تحدث كخبير إذاعي عمل أكثر من 20 عاماً في هذا المجال محلياً وخارجياً (عمل في أميركا وبريطانيا وعبر إذاعة «سبيكت روم» للمغتربين العرب، كما أنه من المساهمين في تأسيس إذاعات ام بي سي) أكثر من كونه مديراً لإذاعة. وذلك ليس تقليلاً من خبرة الآخرين - فجميعهم تقريباً يمتلكون الخبرة - بقدر ما هو بحث عن التنويع في الطرح الصحافي مع مديري الإذاعات الجديدة لهذا الملف، كي لا يتكرر الدفاع عن الإذاعات. يقول ابن سعيد: «لا يجوز أن نحكم على تجربة للتو أكملت عامها الأول، بهذه السرعة. بل لا يجوز أن نطالب بالتطور السريع وغير المنطقي المبني على أسس واقعية، أن المنتقدين لو توجهوا إلى التلفزيون كمراقبين ومتابعين بدقة لأسقطوا انتقاداتهم ذاتها على القنوات الفضائية، للوهلة الأولى يبدو التلفزيون غنياً، لكن الاختبار الحقيقي سيكشف ضعف المضمون العربي إلى حد كبير. من هذا المنطلق أبدأ بتقويم التجربة منذ انطلاقة إذاعة «ام بي سي اف ام» قبل نحو 17 عاماً، كانت تبث من لندن. وكان هناك الكثير من الخبراء والعقليات الممزوجة والمتنوعة بتنوع ثقافاتها. كان هناك طرح حينها أن فكرة الإذاعات قريبة من التلاشي، لكن هذه الفكرة سقطت أمام اختبار الواقع، فنجحت الإذاعة وتم افتتاح إذاعة أخرى. واليوم نحن أمام تجربة أربع إذاعات جديدة لا تزال في أول عامها الثاني». ويرى أنه من الضروري التفريق بين ما يفترض أن يكون عليه محتوى إذاعات الموجة القصيرة (Fm)، ومحتوى إذاعات الموجة الطويلة (Am) وكذلك المتوسطة (SW). يقول: «ال اف ام هي عادة للشباب، وتعتمد على السرعة والمباشرة والبساطة. هناك الموجات الأخرى لمن يرغب بمادة تختلف عن هذه المادة الشبابية. اليوم، يجب أن نراعي أن كثيراً من الشباب الذين نخاطبهم موجودون في سياراتهم. لا يمكنك أن تخاطبه بلغة كلاسيكية أو متعالية. تحتاج إلى مذيعين يستطيعون الكلام معه بلهجته وأسلوبه ومصطلحاته، وفي الوقت ذاته، تعطيه معلومة يستفيد منها». ويستغرب من المطالبين بالجديد! يقول: «لا يوجد جديد في الأفكار. لو طفت العالم كله لاكتشفت أن البرامج والأفكار ترتكز في جذرها على نحو 30 فكرة أساسية، يتم تطويرها على مستوى الحبكة والإعداد والتقديم. لدينا 34 برنامجاً بين الأسبوعي واليومي. ولدينا 89 موظفاً بين مذيع ومعدٍ ومهندس ومخرج 85 في المئة منهم سعوديون، ومعظمهم استقطبناه من معهد الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي ومن الجامعات. تدرب جميعهم قبل إطلاق الإذاعة لمدة 6 أشهر، ولا يزالون تحت التدريب والتطوير. يجب أن تعطي الشباب فرصة لأخذ الخبرة والتدريب والتجريب، والمحاكمات السريعة ومن غير متابعة دقيقة لا تخدم التجربة ولا تعطيها حقها». ويعتبر مدير إذاعة «يو اف ام»، أن وصم الإذاعات بالغنائية والراقصة فيه تجنٍّ وتعميم، يقول: «نحن على سبيل المثال، لم نعتمد الغناء أساسياً، بل الرياضة والبرامج التي تعنى بها، وهي بمثابة العمود الفقري ل(يو اف ام) نبث الأغاني لتطعيم النصوص، ونبث تلك التي لا تطلب شراءً لحقوقها. ذلك يعني أن اتجاهنا ليس غنائياً أبداً، لكننا نتوجه إلى مستمعينا بلغة الشباب والبساطة فنحن في عالم الإعلام الرقمي السريع، وموجات اف ام خصصت لذلك». زياد حمزة: المنافسة صحية... ولن نغير قناعاتنا