يجعل تركيز الإنفاق الاستثماري الحكومي المصري على مشاريع البنية الأساسية فرص العمل المُتاحة مُتحيزة بشدة ضد النساء، لأنها أعمال تتطلب مقدرة جسدية ذكورية، وفقاً لبحث أجراه أحمد السيد النجار عن «الكلفة الاقتصادية والاجتماعية للتمييز ضد المرأة في التعليم وسوق العمل»، والصادر في كتاب عن «مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية-الأهرام». أما التقدم الاقتصادي القائم على الأنشطة الصناعية والزراعية والخدماتية الحقيقية والمتطورة، فإنه يؤدي إلى فرض آلية لتحديث المجتمع ورؤيته لدور المرأة ويساهم في تحسين مكانتها وفرصها في التعليم. وتتسم فترات الأزمات الاقتصادية وتزايد معدلات البطالة وما يصاحبها من صراع على فرص العمل المحدودة بالتمييز الكثيف ضد المرأة، في ما يتعلق بالتعليم ودخول المُتعلمات إلى سوق العمل، علماً أن وجود نساء مُعيلات لأسرهن بأعداد كبيرة يُضاعف أهمية تعليم المرأة لتحسين حظوظها في سوق العمل وقدرتها على إعالة أسرتها وتأمين حياة كريمة لها. ويلفت النجار في دراسته إلى أن الكلفة الاقتصادية لإهدار فرص تعليم المرأة واستبعاد قسم مهم من النساء، تتركز في عدد من المؤشرات، منها انخفاض مساهمة المرأة في قوة العمل، إذ بلغ المتوسط العالمي لنسبة النساء من قوة العمل وفقاً لبيانات دولية نحو 40.4 في المئة، ونحو 43.3 في المئة في الدول الغنية، ونحو 39.8 في المئة في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، والتي تعتبر مصر واحدة منها، أي أن هناك 4.18 مليون امرأة في سن العمل لا تدخلن سوق العمل لاعتبارات تتعلق بغياب التعليم أو محدوديته، وأيضاً التمييز ضد المرأة في سوق العمل واعتبار النساء المتزوجات والمستقرات خارج قوة العمل. وباحتساب الدخل المتوسط لهؤلاء، يظهر أن قيمته تبلُغ نحو 52.4 بليون جنيه مصري (7.5 بليون دولار) سنوياً وهو خسارة مباشرة. وحتى لو خُصم هذا العدد (4.18 مليون امرأة) طبقاً لمعدل البطالة بين النساء الذي بلغ 19.3 في المئة من قوة العمل النسائية بين عامي 2005 و2008، فإن عدد النساء المُستبعدات من سوق العمل لأسباب تعليمية وتمييزية يُصبح 3.37 مليون امرأة، ويبلغ الدخل الذي حُرمن منه نحو 42.3 بليون جنيه. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، فإن قيمة الدخل الذي حُرمت منه النساء المُستبعدات من سوق العمل لأسباب تعليمية وتمييزية تبلغ 7.7 بليون دولار سنوياً. ويترتب على بطالة النساء المتعلمات وغير المتعلمات ارتفاع معدل الإعالة داخل الأسرة مقارنة بالمعدلات العالمية، ما يؤدي إلى إفقار الأسر التي تضطر لإعالة بناتها غير العاملات. ويطرح النجار عدداً من الاقتراحات لتحسين استجابة الموازنة العامة لقضية المساواة النوعية في التعليم وفي العمل بين الذكور والإناث، ولتمكين مصر والدول العربية الأخرى من تحقيق تقدم قوي وحقيقي في إنهاء الأمية، منها: زيادة مستوى الإنفاق العام على التعليم كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات متشابهة للمتوسط العالمي للإنفاق العام على التعليم، لإتاحته مجاناً لكل المواطنين، وربط هذا التعليم بميزات في العمل والقدرة على اكتساب الدخل، وتشجيع القطاع الخاص على توظيف النساء، وتخصيص نسبة تقترب من النصف للمرأة في التعاقدات والتعيينات في المؤسسات العامة والقطاع الحكومي، ورصد جزء من الإيرادات العامة للإنفاق على برنامج اجتماعي لدعم المشاريع النسائية الصغيرة للنساء المتعلمات، لتشجيع الأسر الفقيرة والمتوسطة على تعليم بناتها، وربط جزء من التحويلات الاجتماعية للأسر الفقيرة بتعليم البنات».