مئة في المئة رقم صعب التحقيق في أي مجال، وما إن يذكر هذا الرقم حتى يعتبر «منجزه» أتمّ ما عليه بتفوق وكمال. ومن المفارقات أن تداول هذا الرقم في اليمن يعكس نمطاً مختلفاً من أنماط الإيجابية التي يوحي بها معدل 100 على 100، وهو الرقم الذي يتوقعه باحثون هناك لنسبة البطالة في صفوف اليمنيات عام 2015. ويتماشى مع تزايد البطالة في أوساط اليمنيات مع تدني معدلات تشغيل النساء وانخفاض معدلات تعليم الإناث وانتشار التسرب من التعليم. إلا أن هذا لا يعني أن مفردات التمييز والإقصاء قد تنطبق تماماً على نساء اليمن. وبطالة اليمنيات لا ترتبط بالقوانين والتوجه العام فحسب بل تقع في صميم وعي المرأة لنفسها، التي لا تزال تخضع لمنظومة القيم التقليدية التي تؤدي إلى تضحيتها بعملها من اجل الزواج وتربية الأبناء. وبحسب دراسة للمركز اليمني للدراسات وبحوث العمل، بلغت نسبة النساء اللواتي يفضلن ترك العمل والتفرغ لشؤون المنزل 47.3 في المئة في صفوف «الحضر» و 51.9 في المئة في الريف. وتقدر نسبة النساء خارج قوة العمل بنحو 72 في المئة من إجمالي السكان ممن هم خارج قوة العمل مقابل 28 في المئة للرجال. وتخلص الدراسة إلى أن غياب النساء عن العمل يعود إلى سطوة المجتمع الأبوي وثقافته المهيمنة التي تحدد للنساء أدواراً محورها المنزل. وخلافاً للكلام المتداول حول تمكين المرأة ومساواتها بالرجل، تشي وقائع الحال اليمنية بغشاوة والتباس يصاحبان طرح قضية بطالة النساء وإقصائهن. ويظهر أن تركز الإناث في تخصصات محددة مثل التعليم والطبابة يُعد أحد أسباب تزايد نسبة بطالة النساء المتعلمات. ومثل هذا يصح على رفض كثيرات من الخريجات العمل خارج المدن أو بعيداً من مناطق إقامتهن. وتظهر الدراسة ارتفاع معدل البطالة في أوساط النساء الأعلى تعليماً، وتبلغ عند الحاصلات على مؤهل جامعي 44 في المئة، مقابل 31 في المئة لدى الحاصلات على الثانوية العامة و11 في المئة لمن يعرفن القراءة والكتابة. وكثيرات من اليمنيات العاملات يرفضن المشاركة في الإنفاق على حاجات الأسرة. فيحتفظن براتبهن كاملاً، حتى وان كانت الحالة المادية للزوج متعثرة. فالشائع أن الانفاق على الأسرة هي مهمة الزوج وحده. وتساهم أقنية التنشئة الاجتماعية مثل المدرسة والمسجد والإعلام بتنميط وظيفة المرأة في أدوار تقليدية تحصرها عادة في تربية الأبناء ورعاية الزوج. وتؤكد أغنية «البيت المرة والحب الذرة/ قولوا لمسعدة تكون مدبر/ تربي العيال والرب تشكر»، والتي يفتتح بها برنامج إذاعي شهير، مدى ضلوع الإعلام في تنميط صورة المرأة.