من قال ان انكلترا افضل من لبنان؟ لماذا يهوى العرب جلد أنفسهم؟ لا تجزعوا لبنان يسابق المملكة المتحدة ويبزها: انه زمن التحدي بالنفايات. بعد الثورة الصناعية وما استتبعها من ثورة في عالم الاستهلاك، جاء الى البشرية مولود جديد ذات مواصفات محددة. المولود الجديد يتمتع بالصفات التالية: مولود ذكر، سريع النمو، ثقيل الوطأة، يصدر روائح كريهة، لا يشبع، ينفّر جيرانه، يتمدد بكل الاتجاهات، مشاكس الى درجة انه يستجلب عداوة كل فئات المجتمع ضده، مصدر رزق للفقراء ببعض الفتات وبالصفقات الكبيرة للاغنياء، واذا تم تشكيل تحالف ضده من الجميع فإن قتله يستلزم سنوات للتخلص من آثاره وسلبياته. انه باختصار "مكب النفايات". الآن، وبكل فخر، وبعدما رأينا تحقيقاً مصوراً في موقع "ميل أونلاين" الإلكتروني من واحدة من كبريات المدن الانكليزية، تدعى بريرلي هيل في غرب ميدلاندز، يحق لنا كعرب لبنانيين التشاوف على مملكة "اللادستور"، ويحق لنا القول: خسئتم لن تطأ طموحاتكم "النفاياتية" مراتبنا العليا، وان بلغ تباكي صحيفتكم المشهورة الذروة، وفي تحقيقها المصور والمفصل عن مكب نفايات ينمو برعاية احدى الشركات وسط حي سكني. وتستفيض اسطر التحقيق بوصف مآسي هذا المكب ومخاطره الصحية والبيئية على سكان الحي، وتزايد الفئران. وتعمل كاميرا الصحيفة، من كافة الجوانب والمحيط، على التقاط الصور ومقارنتها مع ارتفاع الابنية المجاورة، وانه قد تجاوز ارتفاع الطابق الرابع او الثالث من المبنى. باطل... لم نستخدم كاميراتنا للرد على الاستفزاز بعد... في لبنان ينمو المكب الى ان يصبح جبلاً، والجبل عندنا يعتد بنفسه ويفتخر الى درجة متقدمة، ويتطاول على منافسة جبال لبنان الطبيعية. في لبنان هناك 670 مكباً عشوائيا بينها 504 مكبّات تحتوي نفايات منزلية وصناعية وطبية، و166 فيها ردميات وأتربة من مخلفات البناء. وهذه المعلومات بناءً على دراسة لشركة "الارض" وبتمويل من "برنامج الأممالمتحدة الإنمائي". والكلفة الإجمالية لإعادة تأهيل هذه المكبات تفوق 51 مليون دولار. في مدينة صيدا الساحلية، جنوب لبنان، حجب الجبل اطلالة المدينة على البحر، وارتفع الى ما يفوق السبعين متراً. وكلما تحداه موج البحر نفث اليه سموماً من النفايات والغازات ورد بالثأر من اسماكه وحيواناته البحرية. كذلك الامر في مناطق الداخل اللبناني، حيث جبال النفايات تجاور المناطق السكنية، وما زالت هذه الجبال تنمو وتنمو... والحياة تتحول من "حضارة الرتي الى حضارة الرمي".